فضل المجاهدة والتزام الذكر مع حضور القلب / محمد عبد الرحمن ولد عبدي
قال الشيخ المجدد أبو زين العابدين الشيخ سيدي المختار الكنتي في الكوكب الوقاد في فضائل المشائخ وأصول الأوراد(الكوكب الوقاد في ذكر فضائل المشائخ وأصول الأوراد للشيخ سيدي المختار الكنتي مخطوط ص 11): “الورد مشتق من الورود لأن عباد الله يردون إلى حضرة القدس ومحل الإنس وسكنى جنات الفردوس وبغية النفس بأورادهم التي كانوا مقيمين عليها في دار الدنيا ملازمين لها وهي مأخوذة من المورد الذي هو محل السقي فإن البهائم تلازم الموارد تأتيها من كل ناحية ظماء مشتاقة إليها كما يلازم الصلحاء الأوراد ويسقون بسببها من شراب المحبة ما يغيبون به عن المكونات في مشاهدة المكون أوهي التي تسرع بهم إلى محل مقعد صدق عند مليك مقتدر وفي المثل هي أسرع من واردة القطا، وفي الحكم لا تزهد في الأوراد فإن على قدرها تأتي الواردات، والواردات هي الهواتف الربانية التي تأتي أرباب القلوب بالعلوم والفتوحات وأسرار الغيوب”. …
ثم قال رحمه الله تعالى: “اعلم أن وردنا هذا مبني على الكتاب والسنة فليست فيه لفظة إلا وهي مستندة إلى كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم”. ففي صحيح البخاري باب أحب الدين إلى الله عز وجل أدومه، وفي صحيح البخاري أيضا ( صحيح البخاري7/155/رقم5861/ط1)عن عن عائشة، رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجر حصيرا بالليل فيصلي عليه، ويبسطه بالنهار فيجلس عليه، فجعل الناس يثوبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيصلون بصلاته حتى كثروا، فأقبل فقال: “يا أيها الناس، خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل” وزاد مسلم في صحيحه (صحيح مسلم1/540/رقم782) “
وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملا أثبتوه”، والأحاديث في الباب كثيرة. وعليه. فالصوفية استمدوا أصولهم وفروعهم من كتاب الله الكريم، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وسيرة وعمل السلف الصالح.
وأما إنكارهم عليهم تفريقهم بين علم الظاهر والباطن واستدلالهم في ذلك بما ورد في القرآن في قصة الخضر وموسى عليهما السلام، فليس في ذلك ما ينكر عليهم، قال العلامة الأبي في شرحه على صحيح مسلم علم الخضر علم بالمغيبات الموهوبة اللدنية غير المكتسبة فكيف يسأل تعليم ما لا يكتسب، وكان الشيخ ابن عرفة، ويقال إنه مجدد رأس المائة الثامنة، يجيب بأن ذلك قد يكون بتعلم أسبابه فيمكن اكتسابها بالتزام نوع من طاعة الله تعالى، وهو يشير إلى ما اتفق عليه الصوفية أن المجاهدة والتزام الذكر مع حضور القلب في الخلوة يورث علوما وهبية. قال محدث العصر العلامة عبد الله الغماري ( عبد الله بن الصديق الغماري ص11) يؤيده ما رواه الحسين المروزي ( الزهد لابن المبارك359ا/دار الكتب العلمية بيروت )في زوائد الزهد لشيخه عبد الله بن المبارك فقال حدثنا أبو معاوية أنبأنا حجاج عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”من أخلص لله أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه” إسناده صحيح ورواه ابن عدي في الكامل من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف كما رواه القضاعي في مسنده الشهاب، وأخرجه أبو نعيم في الحلية (أخرجه أبو نعيم في الحلية (5/ 189) وفي مسند الشهاب للقضاعي2/285/ط2) وقال أبو نعيم: كذا رواه يزيد الواسطي متصلا، ورواه أبو معاوية عن الحجاج فأرسله من حديث أبي أيوب بإسناد ضعيف، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي2/69/ طبعة دار الفكر بيروت )طبعة دار الفكر بيروت لأحمد في الزهد. فقال: وأخرج أحمد في الزهد عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أخلص لله أربعين يوما تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه”، وليس في النسخة المرقومة من زهد الإمام أحمد وهي الطبعة الأولى1420هـدارالكتب العلمية بيروت 1999م لعل هذه الطائفة حذفته منها.