في الرد على القادح في التصوف: المتصوفة يتمسكون بأنه لا إله الاهو عروة وثقى / محمد عبد الرحمن عبدي
أهل التصوف لا إله إلا الله العروة الوثقى التي بها يتمسكون والمجن الذي به يعتصمون ويتترسون. ولا إله إلا الله تلاوة وذكر قال الله تعالى:(فاعلم أنه لا إله إلا الله) لذلك كانت العروة الوثقى التي بها يتمسكون والمجن الذي به يعتصمون ويتترسون، هي دأبهم ولهجهم. وقد تتبعت أمرها وجمعت بما يسر لي الله في فضلها في بحث مستقل ما في القرآن من معانيها، ووقفت عند الجمع من السنة، ورأيت من ذلك العجب العجاب، فهي في القرآن: الإسلام في قوله تعالى:(من يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام)، ودين الله:(إن الدين عند الله الإسلام)، والدين الخالص، وكلمة الإسلام، كلمة التوحيد، كلمة الإخلاص، كلمة الشهادة، وشهادة الحق وكلمة سواء، والكلمة الطيبة، الكلم الطيب، والعروة الوثقى، والنور، وكلمة التقوى، والأمر بالمعروف، والمثل الأعلى، والكلمة العليا، ودعوة الحق، والعهد، والسلم، والسلام، والميثاق، والعمل الصالح، والقسط، والصدق، والقول الصواب في قوله تعالى:(وقال صوابا)، والحسنة في قوله تعالى:(من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)، وهي أفضل الحسنات، والحسن في قوله تعالى: (من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا)، والحسن في قوله تعالى: (وقولوا للناس حسنا)،
وفي وقوله تعالى: (ومن يقترف حسنةً نزد له فيها حسنًا إن الله غفور شكور)، والأحسن في قوله تعالى: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينًا) وفي قوله تعالى:(وجادلهم بالتي هي أحسن)، وفي وقوله تعالى: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وقال إنني من المسلمين)، والحسنى في قوله تعالى(للذين أحسنوا الحسنى)، والحسنات في قوله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات)، والأقوم في قوله تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)، والذكر في قوله تعالى: (ص والقرآن ذي الذكر)، والحطة في قوله تعالى: (وقولوا حطة)لأنها تحط الذنوب، والطيب من القول، وصراط الحميد في قوله تعالى: (وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد)، والقول المرضي في قوله تعالى: (ورضي له قولا)، والقول السديد في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا)، والقول الثابت في قوله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة)، والقول كما في هذه الآيات، والعدل في قوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان)، والكلمة الباقية في عقب إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى:(وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون)؛وهي التي تثقل الميزان في قوله تعالى: (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون)، وهي العاصمة من القاصمة لأنها تعصم الدم، والتي يكون بها الدين كله لله: (ويكون الدين كله لله)بأن يقولوا لا إله إلا الله، وهي التي حرم الله تعالى أن يقال لقائلها لست مؤمنا في قوله تعالى: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا) في قراءة نافع وابن عامر وحمزة بفتح السين واللام من غير ألف والباقون السبعة بألف(السلام)وسواء كانت السلم والسلم، والسلام واحد، قال البخاري. وقرئ بها كلها.وهي الكلمة التي عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش يملكون بها العرب وتدين لهم بها العجم ويؤدون لهم الجزية كما في الحديث الصحيح المتقدم وهي المختوم بها خاتم رب العزة كما رأى إبراهيم في قوله تعالى:(وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين)، وهي التي يقيم الله بها الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتح بها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا كما في الحديث الصحيح لدى البخاري في الصحيح(أخرجه البخاري في صحيحه3/66/رقم الحديث2125) والأدب المفرد ولدى غيره، وهي التي لم يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في جزيرة العرب غيرها،وهي التي تنال بها شفاعته صلى الله عليه وسلم يشهد لها ويشهد بها، وهي التي يخرج بها من النار فلا يخلد في النار من قالها فإذا أخرج من قالها من النار ود الذين كفروا لو كانوا مسلمين، وذلك في قوله تعالى: (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين). ما بعث الله من نبي ولا رسول إلا بها من لدن آدم إلى نبينا أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، ولكل قوم شرعة ومنهاج؛ وهي في القرآن:لا إله إلا الله، إنما هو إله واحد، لا إله إلا هو، ما من إله إلا إله واحد، إلهكم إله واحد، إنما الله إله واحد، لا إله إلا أنت، ما من إله إلا الله، ما لكم من إله غيره. إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني. أخرج أحمد وعبد بن حميد والحاكم وأبو نعيم وابن الأعرابي في معجمه(أخرجه أحمد (2/359 ، رقم 8695) ، قال الهيثمى (1/52) : إسناده جيد وفيه سمير بن نهار وثقه ابن حبان . وعبد بن حميد (ص 417 ، رقم 1424) والحاكم (4/285، رقم 7657) وقال : صحيح الإسناد . وأخرجه أيضًا : أبو نعيم فى الحلية (2/357)ومعجم ابن الأعرابي 2/279/ط1): عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم:”جددوا إيمانكم قيل يا رسول الله كيف نجدد إيماننا قال أكثروا من قول لا إله إلا الله”. قال الشيخ المجدد سيدي المختار بن أحمد الكنتي في الكوكب عند ذكره لهذا الحديث: “هي كلمة الإخلاص وكلمة الخلاص وشهادة الحق وقول الحق وكلمة الله وحجة الله والبرهان والشجرة الطيبة والقول الصدق والمنجية والمنقذة والكلمة الطيبة وغراس الجنة وسبيل الرحمة وكلمة التوحيد وكلمة التجريد وهي مفرجة الهموم وكاشفة الغموم والمقربة إلى الحي القيوم وهي كلمة التقوى والقول الكامل والترياق الشامل لاشتمالها على ستة وستين عقيدة من عقائد الحي، فمعنى لا إله إلا الله لا مستغنيا عن كل ما سواه ومفتقرا إليه ما عداه إلا الله، فالغنى المشتملة عليه كلمة الإخلاص هو أصل جميع الأصول إذ عليه تنبني جميع الواجبات وينتفي به جميع المستحيلات كما يستوجب جميع الكمالات في الذات والصفات والأفعال، ولذلك اختارها الله تعالى لنفي الإشراك، فإن شئت قلت معناها لا معبود بالحقيقة إلا الله، أو لا مستحق للعبادة إلا الله ولا موجود ولا قديم ولا باقي ولا قائم بنفسه ولا مخالف لغيره ولا واحد في ذاته وصفاته وأفعاله..
ولا قادر ولا مريد ولا عالم ولا حي ولا سميع ولا بصير ولا متكلم على الحقيقة أزلا إلا الله، والاستثناء فيها ليس منفصلا ولا متصلا إذ لو كان منفصلا لكان له جنس موافق له ولو كان متصلا لكان له ند مخالف له، فيكون معناها لا إله مماثل له فيستدني منه ولا إله مخالف له فينفصل عنه فلا مثل له يجانسه ولا ند له يعاكسه. وهو المختص بالألوهية المنفرد بالوحدانية الموصوف بالصمدانية المتحلي بالجلال والكمال المتخلي عن النقائص والمحال:(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) لا يحيط بوصفه الواصفون ولا يدرك كنه حقيته العارفون فهو كما وصف نفسه لا كما يقول الجاهلون:(لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)علم كل شيء قبل كونه فجرى على قدره لا كما يقول الملحدون، خلق الخلائق وأفعالهم وقدر حركاتهم وآجالهم لا كما تقولته عليه القدرية الضالون، وجعل لنا قدرة مجازية وإرادة مجازية وعلما مجازيا كسبيا ليركب على ذلك التكاليف الشرعية والثواب والعقاب، فقدرته تعالى الحقيقية التأثيرية قاهرة لقدرتنا وعلمه القديم الذي لايتناهى محيط بعلمنا قال تعالى: (وهو القاهر فوق عباده)، وقال تعالى: (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) وقال جل من قائل: (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء)”، ثم ختم الشيخ الكنتي رحمه الله تعالى كلامه في فضل لا إله إلا الله بحديث معاذ بن جبل رضي الله عنه المتفق عليه الذي أخبربه عند موته تأثما. ولله درسيدي أبي محمد عبد الواحد بن أحمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري الأندلسي طيب الله ثراه: وقول لا إله إلا الله محمد أرســــله الإله تجمع كل هذه المعاني كانت لذا علامة الإيمان وهي أفضل وجوه الذكر فاشغل بها العمر تفز بالذخر وما كتبت أنا عن كلمة التقوى وما كتبه الشيخ المجدد في الكوكب يخرجان من مشكاة واحدة، وذلك من فضل الله تعالى علي وتوفيقه لي، والله تعالى يعلم أني لم اطلع على ما كتب هذا الشيخ المجدد عنها وما قرأت هذا في كتابه الكوكب إلا متأخرا وبعد أن قيدت ما قيدت هنا عنها ملخصا من بحثي عن فضلها. وإنما أسجل هذه الملحوظة هنا شكرا لله جل وعلى: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم)، وقال جل جلاله: (وقليل من عبادي الشكور).