الاستغفار لدى المتصوفة قاعدة من قواعد الورد المكينة/ محمد عبد الرحمن عبدي
أما الاستغفار الذي هو قاعدة من قواعد وردنا هذا يقول الشيخ سيدي المختار الكنتي فإنا مستمدون فيه من كتاب الله جل وعلى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى أمر أنبياءه وأولياءه بالاستغفار وحثهم عليه في آي كثيرة ووعدهم على ذلك بالحسنى ومدح الفاعلين بقوله تعالى(والمستغفرين بالأسحار) وقوله تعالى(والذين إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) وقوله تعالى(ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا) وقوله جل جلاله(وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) وقوله تعالى(وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعًا حسنًا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله) وقال(فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم)، ثم عمم سبحانه بالأمر بالاستغفار فقال جل جلاله(فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا يرسل السماء عليكم مدرارًا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا).
وفي السنة أحرج البخاري وأحمد وابن أبى شيبة والنسائي وابن حبان (لبخارى (5/2323، رقم 5947)، وأحمد (4/124، رقم 17171) وابن أبى شيبة (6/56، رقم 29440) والنسائى (8/279، رقم 5522) وابن حبان (3/213، رقم 933) .عن شداد بن أوس عنه صلى الله عليه وسلمأن:”سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت خلقتنى وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك على وأبوء لك بذنبي فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت من قالها من النهار موقنًا فمات من يومه قبل أن يمسى فهو في الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة”. قال الشيخ المجدد الشيخ سيدي المختار الكنتي في الكوكب الوقاد ولما نعى الله سبحانه أحب خلقه إليه وأحظاهم لديه وبشره بقرب لقائه وفتحه عليه وأمره بالأهبة للقائه أمره بالاستغفار والتسبيح فلو علم سبحانه أن شيئا أفضل منهما لأمر به: فقال لصفيه:(إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا) ، فكان عليه السلام بعد ذلك كثيرا ما يلهج بقوله سبحانك اللهم بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك استغفرك وأتوب إليك فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فقد أخرج ابن أبي شيبة(بن أبى شيبة (10/258 ، رقم 29944) عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول قبل أن يموت سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك. فقلت يا رسول الله ما هذه الكلمات التي قد أخذت تقول. قال:”قد جعلت لي علامة لأمتي إذا رأيتها قلتها إذا جاء نصر الله والفتح”. وأخرج ابن ماجه والحكيم والطبراني والنسائي(النسائى فى الكبرى (6/118، رقم 10289)، والبزار (8/433، رقم 3508)قال البوصيرى (4/135): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات) والبزار والبيهقي في شعب الإيمان والضياء بإسناد صحيح رجاله ثقات قاله البصيري، عن عبد الله (حديث عبد الله بن بسر: أخرجه ابن ماجه (2/1254، رقم 3818) . والبيهقى فى الشعب (1/440، رقم 647)، والضياء(9/95، رقم 79 ) بن بسر عنه صلى الله عليه وسلم: “طوبى لمن وجد فى صحيفته استغفارًا كثيرًا” وأخرجه أبو نعيم فى الحلية والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب عن عائشة موقوفًا وقال: هذا هو الصحيح موقوفًا(حديث عائشة : أخرجه أبو نعيم فى الحلية (10/395)، والبيهقى فى شعب الإيمان (1/44 ، رقم 646) موقوفًا وقال : هذا هو الصحيح موقوفًا وروى عن النعمان ) وروى عن النعمان بن عبد السلام عن سفيان مرفوعا(الخطيب (9/110) وأخرج الديلمي عن أبى الدرداء .”أفلح من كان سكوته تفكراً ونظره اعتبارا أفلح من وجد فى صحيفته استغفارا كثيرا”. وسر كون الاستغفار في الورد القادري مائتين بعد كل صلاة ليكون ألفا في اليوم والليلة ليكون في صحيفة صاحبها يوم القيامة استغفارا كثيرا إذ الألف أكبر العقود وإليها تنتهي لأن العشرة عقد والمائة عقد فتجتمع عقود الأعداد كلها في الألف فبهذا الاعتبار يكون الاستغفار كثير الثواب في الدنيا كثير الثواب يوم القيامة، ومعنى استغفروا الله أسأل من الله تعالى الستر وهو سبحانه أجل وأكرم من أن يسأله عبده الستر على ذنوبه في كل يوم وليلة إلا سترها عليه في الميعاد وغفرها له في الدنيا. وفي الخبر لكل شيئ صقالة وصقالة القلب الاستغفار، وفي الخبر لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار، والاستغفار يقول الشيخ أبو زين العابدين الكنتي أيضا في الكوكب متضمن وزنين من أوزان المبالغة وهما فعول وفعال، فغافر على وزن فاعل وهو اسم قديم متضمن معنى الذات الكريمة قال الله تعالى(غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير سورة غافر) فهو الغافر بذاته بلا علة قبل وجود المغفور له، وهو أيضا غفور بعد وجود المغفور لهم وهو غفور على وزن فعول وهو الذي يغفر الذنب الكبير ولا يبالي، فقد أخرج الترمذى وقال حسن غريب والضياء عن أنس(حديث أنس: أخرجه الترمذى (5/548، رقم 3540)، وقال: غريب . والضياء (4/399 ، رقم 1571)،
وقال : إسناده صحيح ) .والطبرانى عن ابن عباس(حديث ابن عباس: أخرجه الطبرانى (12/19 ، رقم 12346) وابن النجار عن أبى هريرة والبيهقى فى شعب الإيمان .عن أبى ذر قال صلى الله عليه وسلم: ” قال: الله يا ابن آدم إنك ما دعوتنى ورجوتنى غفرت لك ما كان منك ولا أبالى، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالى، يا ابن آدم لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة”، وأخرج أحمد(أحمد في المسند3/238، رقم 13518، وأبو يعلى7/226، رقم 422