الحلقة 21: الطريقة الشاذلية عليها أهل هذه البلاد/ محمد عبد الرحمن عبدي
كما رد اليافعي على الذهبي في مرآة الجنان فقال(مرآة الجنان4/186 و190/ط1) :”اسمع أنت أيها الواقف على هذا الكتاب- كلام هذا الإمام الهمام علم العلماء الأعلام، العارف بالله رفيع المقام عز الدين بن عبد السلام وكلام السادة المذكورين الأولياء المشكورين، والعلماء المشهورين في تعظيمهم الشيخ أبا الحسن، ومدحهم له، وثناءهم عليه، وإشاراتهم إليه -وكلام الحشوية في إنكارهم عليه وطعنهم فيه. وقول بعض أهل الشام في تاريخه (يعني كلام الذهبي فيه في كتابه العبر): وبعد نقله ترجمته عنه المتفدمة، “فهل ترجمته هذه مدح له؟ كلا، بل هي في الحقيقة قدح فيه، وغض من جميل صفاته، وخفض لعلو منزلته، ورفيع درجاته، وانتقاص لعظم شرف جلالة قدره، وإنزال ما على الثريا من علا معالي فخره في تخوم ثرى أرض سماء عليا فضله. كم هي عادته في وضع أوصاف الأكابر مثله في الشيوخ الصوفية العارفين بالله أولى النور الزاهر؟ وإجلال العلماء الأعلام من الأئمة الأشعرية المحققين أهل الحق الظاهر، ورفع أوصاف الأئمة الحشوية الجامدين على الظواهر، ولا يصح الاعتذار عنه بكون كتابه الذي ذكر في ترجمة الشيخ المذكور مختصر الوجهين. أحدهما أنه قد أطنب فيه بمدح كثيرين، ورفع أوصافهم ممن ذكرت، والثاني أنه يمكن مع اختصار الكلام التفخيم في الوصف بذكر بعض المناقب العظام ألا ترى إلى وصفه الشيخ المذكور بقوله: الزاهد وكذلك يفعل في غيره من أكابر الصديقين والمقربين والأئمة الهداة العارفين ينابيع الأسرار ومطالع الأنوار كسيدي أحمد بن الرفاعي وغيره من أئمة العارفين السادة يقتصر في مدح الواحد منهم على الزهد الذي هو مبادئ سلوك أهل الإرادة، فهلا أبدل لفظ الزاهد بالعارف، أو الإمام، أو المرشد، أو المربي، أو الرباني أو المقرب، أو الصفوة وما أشبه ذلك، وما المانع من زيادة ألفاظ يسيرة؟ مثل الشيخ العارف بحر المعارف، أو إمام الطريقة ولسان الحقيقة وأستاذ الأكابر الجامع بين علمي الباطن والظاهر، أو نحو ذلك من الألفاظ اليسيرة المتضمنة لقطرة من بحر فضائلهم الشهيرة. وكذلك قوله في عباراته: إنها توهم، وإنه يتكلف له في الاعتذار عنها، أين قوله هذا من قول الإمام المتفق على الإجلال له، والإعظام وجلالة مناقبه العظام عز الدين بن عبد السلام المتقدم ذكره لما تكلم الشيخ أبو الحسن، وكشف الخمار عن محاسن المعارف والأسرار؟”.
ثم قال اليافعي: “وقد قدمت في ترجمة أبي الحسن الشاذلي ما فيه كفاية من التنويه بمرتبته العلية، والرد على من غض من جلالة قدره من الطائفة الحشوية(يعني ابن تيمية والذهبي) لسوء اعتقادهم بمشائخ الصوفية. قال ابن العماد(شذرات الذهب لابن العماد7/482/ط1) قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في “طبقات الأولياء”: علي أبو الحسن الشاذلي السيد الشريف، من ذرية محمد بن الحسن، زعيم الطائفة الشاذلية، نسبة إلى شاذلة قرية بإفريقية. قال ابن دقيق العيد: ما رأيت أعرف بالله منه. وقدح الذهبي وتكفير شيخه ابن تيمية له لا ينقص مرتبة الإمام الشاذلي رحمه الله تعالى شبئا فقد طار صيته وعم الآفاق، وزكاه الجلة المجدد العز بن عبد السلام سلطان العلماء، ومجدد الدين ابن دقيق العيد وتاج الدين ابن عطاء الله ومجدد القرن العاشر جلال الدين السيوطي والإمام الشعراني والمناوي وشيخنا المجدد الكنتي وخليفته الشيخ سيدي محمد في كتابه الطرائف، وشيخنا المربي المسدد الشيخ محمد فاضل وأبناؤه وطائفته، وطائفة الشاذلية في بلادنا كالشيخ العلامة محمذا فال بن متالي وتلامذته الأجلاء الذين ينتسب إليهم حافظ فتاوى ابن تيمية وغيرهم كثير. فلقد جعل الله تعالى فيه البركة وأنزل له القبول، وانتسبت إليه خلائق لا يحصون في الحجاز ومصر والمغرب وغيرها من الجهابذة العارفين المربين الهداة المهديين، وغيرهم من العلماء والأولياء والأئمة والزهاد والعباد والوعاظ والمصلحين والدعاة إلى الله حقا، عم نفعهم وانتشرت طريقتهم بحيث تجد أن فروع القادرية في بلادنا مثلا تمر جميعها بأبي الحسن الشاذلي كما تقدم.
ولله در الشيخ أبي زين العابدين الكنتي إمام المجددين حيث قال في بائيته:
ومن بعدهم جاءت خلائق جمة على الحق لا يخشون صولة من جلب
بـــــداوية والقــــــادرية قبـــــــلها ومرسية للـــــشاذلية تنتــــــسب