عكس التيار 2 .. حول مرسوم العفو (أ) /الأستاذ محمدٌ ولد إشدو
اطلعت على المرسوم رقم 061/2022 الصادر بدون تاريخ عن رئاسة الجمهورية تحت عنوان “مرسوم يمنح تخفيض عقوبة بعض سجناء الحق العام”!
وإني، وإن كنت أقف بثبات وحزم ضد تيار الفساد الجارف الذي يجتاح إعصاره المدمر بلادي اليوم، فإني كإنسان وكمحام، لا أقف بحال من الأحوال ضد العفو عن مدانين بارتكاب جرائم في منتهى الخطورة. وذلك لأسباب ثلاثة: أن العفو أقرب للتقوى والله عفو يحب العفو؛ أن العفو حق يتمتع به رئيس الجمهورية بموجب المادة 37 من الدستور؛ وأن العفو غالبا ما يقود إلى طريق التوبة والإصلاح.. وقصة أبي محجن الثقفي في القادسية بالغة الدلالة في الموضوع!
لكن بعض فقرات هذا المرسوم جعلني أتساءل تساؤلا مشروعا وأضع علامات استفهام حول ثلاثة أمور:
1. أنا أعلم أن هذا النوع من المراسيم يدخل عموما في إطار تحضير الحملات الانتخابية التي يقترب موسمها، وقد تشير به وزارة الداخلية ذات العلاقة. وقد أثبت المرسوم في صدره بوضوح “إن رئيس الجمهورية (اتخذه) بناء على تقرير من وزير العدل”!والعدل والداخلية صنوان في هذه المرحلة! ولكني أعلم كذلك أن مآرب أخرى قد تدخل على الخط! وحين تدخل مآرب أخرى على الخط لا توضع الألفاظ مواضعها: و”فحين لا توضع الألفاظ موضعها تضطرب الأذهان، وحين تضطرب الأذهان تفسد المعاملات، وحين تفسد المعاملات لا تدرس الموسيقى ولا تؤدى الشعائر الدينية، وحين لا تدرس الموسيقى ولا تؤدى الشعائر الدينية تفسد النسبة بين العقوبة والإثم، وحين تفسد النسبة بين العقوبة والإثم لا يدري الشعب على أي قدميه يرقص، ولا ما يفعل بأصابعه العشر” كما قال كونفوشيوس في وصفته للأمير “لنج” الرامية إلى “إقامة السلم وإعادة صياغة الناس بأخلاق عالية وهمم متوثبة”!
ولعل ذلك كان السبب في الأخطاء التالية:
– صدور المرسوم دون تاريخ!
– عنونته بأنه “يمنح تخفيض عقوبة بعض سجناء الحق العام” في حين أن الفقرتين 1 و2 منه تتعلقان بشيء آخر يتجاوز عنوان المرسوم بكثير! هو في الفقرة 1 إعفاء المدة المتبقية من العقوبة السالبة للحرية لأسباب إنسانية لأربعة مدانين بجرائم كبيرة وثقيلة لم يصدر قط عفو عن مرتكبيها! وفي الفقرة 2 استبدال عقوبة الإعدام قصاصا بالسجن في حق أربعة مدانين نهائيا بجرائم قتل، قيل إن أولياء الدم عفوا عن مرتكبيها! وهما شيئان لم يرد ذكرهما في عنوان المرسوم!
– ورود خطأ في الفقرة الثالثة من المادة الأولى هو قولها: “تخفض العقوبة السالبة للعقوبة”! فلماذا العجلة والارتباك؟
والسؤال الكبير الذي يفرض نفسه هنا هو: هل كان المرسوم مقتصرا على الفقرة الثالثة التي يحمل عنوانها؛ وفي مرحلة لاحقة أضيفت إليه الفقرتان 1 و2 لحاجة في نفس يعقوب، أو يعاقيب كثر؟ أم إن الأمر لا يعدو كونه مجرد غباء ورعونة في التحرير؟