ردا على المأفون السعودي علي الشهابي: الجميع في مأزق إلا الشعب الفلسطيني/ د. معن علي المقابلة
14 يونيو 2022، 12:50 مساءً
يُطل علينا بين الفينة والاخرى مأفون هنا ومأزوم هناك ليقدم النصائح للشعب الفلسطيني على القبول بالأمر الواقع معتبرين ان نضالهم ضد المحتل لاسترداد ارضهم وبناء دولتهم عليها هو ضرب من المستحيل، وأن هذا النضال الذي امتد لأكثر من سبعة عقود لم يفض إلا الى ابتلاع الكيان الصهيوني المزيد من الارض والمزيد من معاناتهم، وتغلف هذه النصائح من هؤلاء المأفونين المأزومين بعاطفة الحرص على الشعب الفلسطيني وحقناً لدماء ابناءهم والتخفيف من معاناتهم.
تأتي معظم هذه النصائح من كتاب إما موجهين من دوائر سياسية مشبوهة، او انظمة ضاقت ذرعاً بصمود الشعب الفلسطيني الاسطوري الذي ما زال عائقاً أمام هذه الانظمة التي تسعى لدمج هذا الكيان المغتصب في الاقليم وإقامة علاقات طبيعية معه.
هؤلاء الكتاب الاغرار يبدو انهم يقرأون التاريخ كرواية للتسلية وليس كمعلم يعلمنا كل يوم ان الشعوب الحرة لا تستكين وان المحتل والمستعمر إلى زوال، فلن تكون الحملات الصليبية على منطقتنا الشاهد الاول ولا الاحتلال الفرنسي للجزائر والامريكي لفيتنام الاخير وبالتأكيد لن يكون الاحتلال الصهيوني لفلسطين استثناءً لحركة التاريخ، فلا يوجد شعب عبر التاريخ تنازل عن أرضه للمحتل.
أطل علينا الكاتب السعودي علي الشهابي في مقاله الاخير ليقول ان المشكلة الفلسطينية لا يمكن حلها إلا بإعادة تعريفها وهذا التعريف من وجهة نظره تنطلق من تخلي الفلسطينيين عن فكرة استعادة ملكية أرض الاجداد والبحث عن صيغ قانونية ومواطنة تحظى بالاحترام عالمياً بما يسمح للفرد الفلسطيني بممارسة حياته الطبيعية في العالم المعاصر، فالكاتب في تصوره هذا ينطلق من صفقة (ترمب) الذي أعاد توصيف القضية الفلسطينية بمشكلة سكان وليس شعب يدافع عن ارضه لتحريرها من المحتل وإقامة دولته عليها، فوجهة نظر هؤلاء تنطلق من ان الفلسطيني يحتاج جواز سفر ليتحرك بسهولة وهذا الجواز لابد ان يصدر عن دولة تمنحه فيها المواطنة الكاملة، وهذه الدولة بالتأكيد لن تكون دولته على ارضه التاريخية وليست الكيان الصهيوني، وإنما إحدى دول الجوار ممن يتواجد فيها اللاجئون الفلسطينيون فيقترح الكاتب الهُمام توطين الفلسطينيين قانونياً في المملكة الاردنية او كما سماها المملكة الفلسطينية الهاشمية، على اعتبار ان أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين موجود في الاردن، بل ويقترح أيضاً ترحيل فلسطينيي الداخل وفي دول الإقليم للأردن، هذا التصور الساذج الذي يعبر عن سذاجة كاتبه هو تصور قديم جديد ينطلق من حل المسألة الصهيونية وليست الفلسطينية بعدما فشلت آلة الحرب الصهيونية في تفريغ فلسطين من شعبها على مدى سبعين عاماً، فأدرك الجميع بما فيهم الصهاينة وحلفائهم من الانظمة العربية أن الفلسطيني ثابت في أرضه كثبات زيتونها ولن يرضى بديل عنها مهما قدمت له من مغريات او تعرض للقمع والتنكيل، فبعد مرور اكثر من سبعة عقود لاحتلال ارضهم ما زال هذا الشعب يقاتل ويناضل لتحرير أرضه رغم كل هذا التآمر عليه من القريب والبعيد والشقيق والعدو.
المؤكد ان القضية الفلسطينية كل يوم تتجدد وكأنها احتلت بالأمس بفعل صمود شعبها وثباتهم، واصبحت الى جانب انها قضية عادلة، قضية اخلاقية ايضاً تضع شعوب العالم وكل حر في مأزق أخلاقي اذ لم يعد هناك شعب تحت الاحتلال باستثناء الشعب الفلسطيني.
اخيراً وليس أخراً؛ مهما قدمت هذه الاقلام المأجورة من حلول لا يكون فيها الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني من اقامة دولته على ارضه ستبقى حلول تنطلق من المأزق الصهيوني وليس الفلسطيني، فالفلسطيني باق في ارضه يناضل ويقاتل من اجل التحرر والانعتاق من الاحتلال مهما تفذلك المفذلكون وتآمر المتآمرون، فهذا الصمود الاسطوري لهذا الشعب سيفشل كل المؤامرات ما دام يودع شهدائه بالزغاريد والاهازيج والعيرة النارية.