حتى لا تبقى الاتفاقيات العربية التكاملية.. حبيسة الأدراج
29 مايو 2023، 00:31 صباحًا
المهندس سمير الحباشنة
“1”
نتفائل أمام اي لقاءآت عربيه بين دولتين او اكثر، خصوصاً حين ينجم عن تلك اللقاءات اتفاقات مُبشرة، تسعى الى أحداث تنسيق وتعاون اقتصادي واجتماعي بين هذه الأقطار. ذلك ما شهدناه في اللقاء الثلاثي المصري/ الأردني / العراقي وفي اللقاء الرباعي الامارات/ والبحرين/ والاردن/ ومصر.
وحتى لا تُركن تلك الاتفاقات الطموحة على الرفوف، وأن تبقى حبيسة الأدراج رغم أهميتها لما تحوي من عناوين وآليات للتقارب الاقتصادي والإجتماعي، وحتى لا تبقى في الإطار النظري وفي دائرة التمنيات ودون ان تمتلك آليات للتنفيذ، فإن من المناسب تفعيل دور المؤسسات التشريعية والتنفيذية والفنية في هذه البلدان والتنسيق فيما بينها، بحيث يُعاد النظر بالتشريعات والأنظمة والاجراءات الإدارية والفنية ذات العلاقة، وبإجراءات الإستيراد والتصدير وآليات ترخيص الأغذية والأدوية، لتكون التشريعات والأنظمة والإجراءات المعدلة والمتفق عليها في البلدان مجتمعة قادرة على محاكاة ما يتفق عليه المسؤولون في هذه البلدان، وبالتالي أن ُتعبد الطريق امام هذه الاتفاقات والعناوين الكبرى والطموحة لأن تأخذ طريقها نحو التنفيذ، فتصبح ذات جدوى تعود بالفائدة على كل هذه الدول وعلى مؤسساتها العامه وعلى القطاع الخاص وحتى على مصالح الأفراد .
ad
“2”
ان الخطوة الأولى نحو تعاون اقتصادي واجتماعي فعال، تبدأ بوضع الأسس الكفيلة بدمج الأسواق لتصبح الى حد ما سوق موحده، بإزالة العوائق على اختلافها إدارية فنية كانت أو تشريعية. وكما ذكرت فإن ذلك يحتاج الى تناغم التشريعات في هذه البلدان والخاصة في حقل الإستثمار والضرائب والجمارك، بحيث يتاح للأفراد و للبضائع وللأموال، أن تنساب بلا قيود أو تعقيدات بيروقراطية. وخلاف ذلك ومع الأسف فأن الوضع سوف يبقى على حاله، يدور في دائرة التمنيات والكلمات الجميلة، لكنها بلا قدرة على ان يتنسمها المواطن. أو تنعش اقتصاداتنا المنهكة.
وحتى لا نبقى في اطار الحديث العام، أطرح هنا مثلا محدداً، يتعلق بصناعة الأدوية بشقيها البشري والبيطري وكذلك الأسمدة والمبيدات الخاصة بالقطاع الزراعي. فالمعروف حالياً بأن لكل دولة من دولنا الثلاث مصر والأردن والعراق إجراءاتها الادارية والفنية الخاصة بها ذات مواعيد زمنية مختلفة عن غيرها. لتسجيل دواء معين او سماد او مبيد حشري وطرحها لأسواق حيث يستمر المنتج تحت التجربة والاختبار لفترة قد تستمر ثلاث سنوات، للتأكد من ان سلامة المنتج وعدم اضراره بالصحه وفي البيئة. فإذا قمنا في الدول الثلاث ب توحيد الإجراءات الإدارية والفنية لتصبح موحده فإننا بهذه الحاله نختصر ذلك المدى الزمني الطويل، ويصبح الدواء المنتج في مصر على سبيل المثال يدخل آلة الى الدولتين الأخريتين. وهو ما ينسحب على كل المنتجات الشبيه.
“3”
إن لهذا فائدة كبرى تنعكس إيجابياً على السوق وعلى تعزيز التبادل التجاري بين هذه الدول بل وينعكس على تحفيز القطاع الخاص في هذه البلدان لأن يذهب الى ما أسمية بطريق الانتاج الكبير “”Mass production وهو ما يؤدي الى زيادة الانتاج ورفع الانتاجية وتحسين النوعية مستوى التنافسية وزيادة الصادرات. ولا اعتقد بأن هذا بالأمر الصعب، يحتاج فقط الى ان تلتقط الأجهزة التنفيذية والتشريعية اراده صانعي القرار وتنفيذها على ارض الواقع.
انَ ما يبدأ من المستوى الفني والإداري وينتهي إلى المستويات التنفيذية والتشريعية إنما هو السبيل الوحيد لأن نخرج من نطاق الاتفاقات الاحتفالية ونضع قرارات القادة موضع التنفيذ، فنرتقي بقدرات اقتصاداتنا. وأنَ المثل الذي اوردته، يمكن أن ينسحب على بقية القطاعات.
“4”
وبعد/ فإن أرشيف الجامعة العربية يحوي الكثير من أوراق التكامل الإقتصادي العربي، وفي أرشيف كل دولة عربية كذلك الكثير من الوثائق التي تتحدث عن تعاون مع دولة شقيقة أو أكثر وفي كل القطاعات، لكن مع الأسف وعلى مدى سنوات إنشاء السوق العربية المشتركة، التي هي أطول عمراً من السوق الأوروبية المشتركة، لم نجد إلا النذر القليل الذي تم تنفيذه على أرض الواقع. وإذا كانت إرادة القادة متوفرة وإذا كان توق الشعب في الأقطارنا نحو التكامل ونحو توحيد اقتصاداتنا أو لنقل التنسيق القوي بين اقتصاداتنا موجود فما الذي يمنع اجهزتنا التنفيذية والتشريعية و الفنية من أن تخط طريقها وتحقق لنا ما نصبو إليه جميعاً.