الهجوم الاوكراني المضاد: الدبابات الغربية تحترق بشكل جيد/الدكتور عوض سليمية
16 يونيو 2023، 16:16 مساءً
الهجوم الاوكراني المضاد الذي طال انتظاره، وجهز له الغرب الجماعي الجنود الاوكران المدربين تحت اشراف ضباط الناتو، وما كان يعتقد انه افضل صناعاته العسكرية، بهدف احراز نصرا تكتيكياً او هامشياً على القوات الروسية في محاور القتال المستهدفة على طول خط الجبهة، بدأت اولى نتائجه تتكشف سريعا، وظهرت دبابات ليوبارد فخر الصناعة الالمانية وبرادلي فخر الصناعة الامريكية، وقد تحولت الى اكوام من الخردة بفعل الضربات الصاروخية الروسية الدقيقة، والتي كانت في حال الجهوزية لتحول هذه الدبابات الى اقفاص من جحيم، وتكون النتيجة خسارة 30% من آليات الغرب التي تم تسليمها لاوكرانيا على مدار الاشهر الماضية. بينما يتذرع البيت الابيض بغياب نقطة اساس يمكن الاعتماد عليها في قياس مدى نجاح الهجوم من عدمه.
نتائج المعركة الاولى، أقر بها زيلينسكي الذي وصفها بأنها صعبة وشرسة معترفا بان اعداد القتلى في صفوف جيشه تتزايد. بينما اعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون “ان الهجوم الاوكراني المضاد جارٍ وسيستمر لعدة اسابيع وربما لاشهر”. سارع وزير الدفاع البريطاني بتصريحاته الواثقة من قدرة اوكرانيا على استعادة شبه جزيرة القرم كجزء من الهجوم القائم مستخفاً بقدرات الجيش الروسي القتالية. وقال: “ما رأيناه في ساحة المعركة هو أنه إذا قمت بضرب القوات الروسية في المكان الخطأ، فسوف ينهارون بالفعل”. حالة الهستيريا طارت الى برلين، وعبر عنها المستشار الالماني اولاف شلوتز، امام تجمع لحزبه الاشتراكي الديموقراطي، واصفاً بوتين “بالقاتل” و”مثير الحروب”، في موقف صارخ بدا فيه نزعة هتلرية جديدة.
على الجناح الاخر للحلف، توالت التصريحات القادمة من واشنطن لرفع معنويات “حليفها” زيلينسكي وإعطائه مزيداً من الجرعات التنشيطية لابقائه واقفاً على قدميه ذهاباً واياباً في ملعب بات محترق بالكامل، ويسيطر على ابعاده الثلاثة براً وبحراً وجواً الجيش الروسي بشكلٍ تام. فقد اعلن منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الامن القومي الامريكي جون كيربي، ان واشنطن ستقدم مزيدا من المساعدات العسكرية لكييف وانها تركز على ما اسماه نجاحات كييف في ساحات المعركة. وبالمثل صرح وزير خارجية بلاده انتوني بلينكن ان الغرب الجماعي عازم على زيادة الدعم الاقصى لكييف وتزويدها بمساعدات طويلة الاجل. بالمقابل، بدا وزير خارجية نظام كييف كوليبا يائساً جداً من مواقف الدول الغربية، ونية قادته مناقشة تاسيس ما يسمى مجلس الناتو-اوكرانيا، الى جانب اجراء محادثات حول تقديم ضمانات امنية مستقبلية بعد انتهاء الحرب، دون النظر الى طلب اوكرانيا الالتحاق بعضوية الناتو واصرارهم على ابقاء بلاده بعيداً عن عتبة ابواب الناتو، مشبهاً هذا النقاش “بالدبابة بدون سبطانة”.
ميدانياً اظهرت مقاطع فيديو بثها الجيش الروسي ومحطات التلفزة العالمية من ساحات القتال مشاهد احتراق لعشرات الدبابات الغربية وخروجها من الخدمة بشكل جزئي او كامل، بينما اظهرت مشاهد اخرى وقوع عدد من الدبابات الغربية غنائم في يد الجيش الاحمر الروسي. بما فيها دبابات ليوبارد الالمانية وعربات مشاة الجيش الامريكي M2 Bradley، الى جانب عدد كبير من القطع العسكرية الفرنسية والبولندية…، كما اظهرت المشاهد حالة الذعر بادية على وجوه الجنود الاوكران والمرتزقة الغربيين الفارين من جحيم المعركة. المشاهد الحقيقية على الارض، استدعت اجراء اتصال عاجل من قبل قائد القوات المسلحة الاوكرانية فاليري زالوجني مع رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة الجنرال مارك ميلي، طالباً منه الاغاثة السريعة والفورية بالمدافع والدفاعات الجوية والدبابات لتعويض الخسائر ومواصلة الهجوم، بفعل الدمار الذي تكبده جيشه في اللحظات الاولى للهجوم.
في مشهد مقابل، كانت مظاهر الارتياح تبدو على وجوه اعضاء القيادة الروسية، وتشير الى رضا كبير عن الانجازات التي حققها الجيش الروسي في اول مواجهة عسكرية حقيقية مع المعدات العسكرية لجيش الناتو. والاشادة بمستوى الكفاءة القتالية التي تتمتع بها المعدات العسكرية الروسية في الميدان. في السياق، عاد الرئيس بوتين من جديد لشرح الرواية الروسية للحرب، مؤكدا ان الغرب الجماعي يستخدم اوكرانيا لزعزعة الامن والاستقرار في روسيا. مؤكداً ان الهجوم المضاد لقوات كييف قد فشل بالكامل، مع فقدانها 30% من الاسلحة الغربية ضمن خسائر وصفها بوتين بالكارثية، ويضيف “ان قوات كييف لم تحقق أي تقدم على أي من المحاور التي شكلتها في الهجوم المضاد”. وبدا سيد الكرملين بارسال اشارات حول تفكيره اقامة منطقة امنه على الاراضي الاوكرانية ضمن مسافة تجعل من المستحيل على قوات كييف بلوغ الاراضي الروسية. مذكرا بأن روسيا تملك ترسانه قتالية من اليورانيوم المنضب ولها حق الاستخدام ردا على خطط الغرب الجماعي بتزويد الجيش الاوكراني بهذا السلاح الفتاك. زفقا لبيان وزارة الدفاع الروسية على قناتها الرسمية على Telegram، أن أكثر من 1500 جندي أوكراني ممن تلقو تدريبات من قبل قوات الناتو قتلوا، وأن روسيا استولت على 28 دبابة، بما في ذلك ثماني دبابات ليوبارد ألمانية الصنع.
فشل الهجوم الاوكراني المضاد وصلت تردداته سريعا الى بريد عواصم دول الناتو، وانعكست موجاته عالياً في اروقة وممرات الكونجرس الامريكي، حيث بنى مقاولو الحرب كثيراً من التوقعات والامال على اهمية هذا الهجوم وانجازاته المتوقعة على الارض. في المشهد الاول، زعم امين عام الناتو ينس ستوتلنبرغ ان الاوكرانيين يحرزون تقدما ملموساً على الارض، محذرا دول العالم بما فيها دول الناتو بان السماح لبوتين بالانتصار في هذا الصراع، سيشجع الصين على “التمرد” ضد ما اسماه الارادة الغربية، مشكلاً من نفسه منصة للدفاع عن القيم الانسانية العالمية، وما اسماه خطر انتصار بوتين. من ناحية اخرى، تحرك اعضاء مجلس النواب الامريكي على وقع الهزائم التي تكبدها الجيش الاوكراني، وطالب السيناتور الأمريكي ماركو روبيو، بضرورة اجراء مراجعة شاملة لفاتورة جميع الأسلحة الموردة إلى أوكرانيا من الأموال المخصصة للبنتاغون خلال العام 2022، بعد اكتشاف زيادة في اسعار الاسلحة بقيمة ثلاثة مليارات دولار. من جانبه، اعلن رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب جيمس كومر، اصرار اللجنة على كشف الصفقات التي تورط بها الرئيس بايدن خلال عمله نائب للرئيس باراك اوباما، ومخططات عائلته التي جنت ملايين الدولارات من قبل 20 شركة صينية ورومانية، وهو ما “شكل تهديداً صريحاً للامن القومي الامريكي”. مطالباً بضرورة تسلم اللجنة للسجل السري رقم FD-1023 الذي تم انشاؤه من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي FBI. وفي سياق ردود الافعال حول فشل الهجوم المضاد، علق المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية الامريكية CIA لاري جونسون، ان الهجوم الاوكراني كان فاشلاً بإمتياز، وان محاولة القوات الاوكرانية تحقيق اختراق على طول الخط الأمامي باءت بالفشل “لقد تم تدمير عدد هائل من التشكيلات والمركبات الأوكرانية المدرعة، أما بالنسبة للخسائر في صفوف العسكريين، فهي كارثية وتوضح فشل الهجوم المضاد”.
بينما تواصل واشنطن صيانة انابيب تغذية الحرب، وتدفع بما تبقى من معدات الاحتياطي الاستراتيجي لجيش الناتو، ومزيدا من عناصر الجيش الاوكراني والمرتزقة الى مفرمة اللحم الروسي. ترتفع فاتورة مبيعاتها من الاسلحة والتكنولوجيا المرتبطة بها الى دول الغرب الجماعي، الى جانب ارتفاع عائدات مبيعاتها لموارد الطاقة والتي اصبحت ممراً اجباريا لدول اوروبا بعد تطبيقها لنظام العقوبات على موسكو وتدمير مقاطع من السيل الشمالي1 والسيل الشمالي2. وتدفع بإتجاه مزيدا من سياسات اخضاع دول الغرب لمصالحها العليا، ولنحقيق هذه المزايا، حولت واشنطن دول الغرب الى قاعدة عسكرية لجيشها مع انشاء قرابة 50 قاعدة امريكية، ونشر حوالي 100000 عسكري امريكي، الى جانب انتشار الطائرات المقاتلة والاسلحة النووية والقنابل والصواريخ بعيدة المدى.
الان تدفع واشطن بالمعركة مع موسكو الى مستوى اكثر خطورة، وتتغافل عن حقيقة استخدام اوكرانيا للسلاح الامريكي لمهاجمة الاراضي الروسية وتجاوزها للخطوط الحمراء الروسية، كما تتجاهل ارسال بريطانيا لقنابل تحتوي على يورانيوم منضب للجيش الاوكراني. وترفض كل الدعوات والمبادرات العالمية لوقف اطلاق النار واستبداله بمنصة للمفاوضات. وتزداد غرقاً في احلامها باقامة عرض عسكري امريكي في ساحات الكرملين ذات يوم للحفاظ على قطبيتها الاحادية وهيمنتها العالمية التي باتت غارقة او تكاد.