canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراءموضوعات رئيسية

ليلة القبض على فاطمة/ خالد شحام

بما أن الشهور الحالية تحمل الكثير من الليالي الملاح والسهر حتى الصباح فقد حققت بالأمس ليلة مثيرة بحق لأنني أجبرت على حضور حفل زفاف لكائن ما  ، خاصة أن موسم التكاثر قد تم أفتتاحه بمعية   إندفاعة  الحر والصيف .

الساعة هي الثامنة مســـاءا والسيارة تجري بسرعة إلى مستقر لها  حيث لا عاصم اليوم من أمر الله ، المكافأة الاولى في الطريق هي عدد الحفر والمطبات الممتعة جدا  في شارع يمتد بطول خمسة كيلومترات ومثل هذا العدد يستحق أن يسجل كرقم عالمي خاص بهذا الحي في محافل السبق الدولية ، ما من موضع إلا وفيه طعنة من رمح أو حفرة من صهريج أو كومة من نفايات  ، في بؤرة تعج بكل أشكال الفوضى والنشاط البشري العشوائي والاهمــال الحكومـي تتوضع الصالة وهي من فئة الخمس نجوم بالاتجــاه الذي تفهمون ، صالة الحفل لا تبتعد كثيرا عن مركز بوليس مجاور حيث يفترض أن يكون المركز كما يبدو مكملا للنشاطات في هذه الصالة في بعض الأحيان.

وصل موكب السيارات إلى باب الصالة وطبعا لا يوجد أي شيء اسمه موقف للسيارات مما اضطر الموكب المؤلف من شاحنات وجرافات وباصات وسيارات حديثة واخرى مستهلكة إلى الترامي على حواف الشارع في راحة ضمير تامة مع إغلاق بعض المواضع منه دون أي اعتبار للسيارات المارة وكأن الأمر مســلم به،  بعد نصف ســـاعة من الانتظار الرائع على باب الصالة بصحبة مجموعة من بائعي الترمس والفول والذرة المسلوقة وصل البطل وأقحم بنفسه مع العروس في فوهة المدخل بسيارة بي إم دبليو من موديلات الثمانينيات وهو يزعق ويهمر بإكزوزت السيارة العريض ليدلل على فحولة السائق ولياقته للحدث ، وقبل نزلوه من السيارة داس دواسة البنزين وبصق كمية هائلة من الدخان الأبيض من عادم السيارة في وجوهنا جميعا كحسن طالع وترحيب.

ad

كانت فرقة الزفة مؤلفة من ثلة من الزعران الآقحاح بملابس ســوداء كالمهرجين الذين لا تعرف لأي ذوق ينتمون ، كانوا يحملون طبولهم وهم يتربصون نزول البطل من السيارة وما أن فعل بوسامه وعروسه حتى انطلقت فرقة الزفة لتؤدي وصلتها الغنائية المذهلة وبالفعل هي زفة  إلى الحـــد الذي شعرت فيه أنني بحاجة إلى أن أواري سوءة  وجهي من هذا الردح ذي العيار الثقيل الذي يقرع الأذن والصدر ، لم يكن في متناول قبائل الزولو أن تمارس زفا وردحا مثل الذي تلقاه العريس السعيد الذي ابتسم ملىء الوجــه بهــذا القدر من البهدلة الموسيقية ، لم يكن بمقدوري على الإطلاق التقرير فيما إذا كانت هذه الزفة مصرية مثلا أو فلسطينية أو هندية أو أثيوبية  أو لأي ثقافة بالضبط  تتبع  ، دبت الحميــة في ذكورة أحدهم فسحب مسدسـا وأطلق عـــدة عيارات نارية في الهواء إحتفاءا بهــذا النصــر المؤزر فأرعب الجميع من حوله  وللــه الأمـر من قبل ومن بعـــد .

أثناء صعود العروسين دَرَجَ الهناء إلى القاعة  ( الملوكية ) خطــوة خطــوة كانت عيون الرجال المكومين أســفل القاعة تحدق في الحدث وتتحسر على الشباب الذي ولى ، لا شك أن كلا منهم يفكر بمثل البالون الذي نفــذ منــه الهواء ويتمنى لو تم نفخــه من جديد وتعود له الطاقة بقرار رباني لكنهم يُمَنّون أنفسهم بالعبارة إياها : كلها أيام وتصبح مثلنا جميعا أيها العريس الغافل !

في داخل الصالة الكهف  كانت الأنوار الشاحبة تكشف الوجوه التي تحضر مناسبة ســعيدة بوجوه عابسة كابسة عليها لطخات من القسوة والحسرة والعدم والفراغ والاحتراق المعيشي مع سخط  خفي على كل شيء  ، في مثل هذا المكان بمقدورك بسهولة أن تجــد نسخا من ابي لهب أو أيمن الظواهري أو أبي نواس أو حتى عبد الحليم حافظ  والشيخ الشعراوي وأحمد شوقي والرئيس بايدن والسيد ترامب  وربما نجد بينهم نسخة مقلدة من عبد الباري عطوان في قدرته على الحديث بأي موضوع  ، لله در الفقر ما أقدره على الرسم بالطين الأحمر والأصفر والبني والنحت في وجوه  الناس بهــذه المهارة التي تفوق أقدر الجراحين ، نساء الحفل تسللن بعباءات تخفي زينتهن وصعدن الدرج بما يشبه سربا من النمل الأسود متعدد القياسات والأقطار .

كان العرس بأكمله لا يعدو كونه كمية كثيفة من الصخب والضجيج المطلوب إنجازه بأعلى قدر من الضوضاء والفوضى كـي تعلم كل الدنيا وتسمع أن فلانا قد عقد قرانه على فلانة ولو أمكن مثلا تفجير بعض أصابع الديناميت على باب الصالة  أو حرق الشارع بأكمله اصطهاجا بهــذا الحدث لكان ذلك أكثر احتراما للتقاليد والأذواق ،  هذا هو صوت الفقراء الذين تم تهميشهم وحرمانهم فلم يعودوا ليجدوا إلا في الصوت والصراخ ســبيلا للإحســاس بالوجودية ضمن أدبيات رجل الكهف ، في نظرة أخرى ولا أقصد أن أكون متشددا حيالها ربما لايعدو كامل العرس رقصة الهنود الحمر حول الفريسة التي تم اصطيادها وفق طقوس وتقاليد المجتمع والفريسة في حالنا هذا هي الفتاة التي تفرح بهــذا الحدث التراجيدي لتواجه بعد ذلك مسلسل الحياة بكل أبعاده وأعبائه أو أفراحه ومسيرته ، وفي تكملة لمسلسل الضحايا الذي يتطور مع تراجع الحال العربي يصبح الشاب أيضا ثم العائلتين التابعتين  شكلا من أشكال الضحايا لأن بذور التخريب والتفكيك والتأزيم  قد تمت زراعتها وهندستها  حتى قبل أن يولد العروسان  خاصة مع غياب تام لثقافة الزواج ودورها في بناء القوة الاجتماعية .

أرجو ألا تصل رسالة خاطئة  بأنني أعيب أو أسخر من فكرة الزواج أو حال الفقر أو الفقراء فأنا لست سوى فقير وابن فقير ونعيش في هذه الدنيا على حواف هذا الراعي الكبير ، قد يكون الفقر رجلا يائسا بائسا حزينا لكنني أعلم أن قلبه أبيض ويمتلك من الشفقة أكثر مما جمعت قلوب الآثرياء ويمتلك من الأمنيات ما يفيض له الدمع حزنا ، الفقر في مجتمعاتنا يحول الناس إلى أشباه ناس واشباه وحوش ويمسخ قيمهم والقواعد الفكرية التي يعشعشون في أنفاقها وجحورهــا ، المرأة هي الضحية المحورية لكل النواتج الثانوية التي يفرخها الفقر وتنصب هذه النواتج عليها لتزيد من عزلتها الاجتماعية والمزيد من الحصار والقمع والتزمت والكبت العاطفــي والجسمي تحت مســميات دينية لا علاقة لها بالدين ، في مثل مجتمعاتنا وحيث تستمر رحلة التغريب السياسي وتجر وراءها المجتمع بأكمله كضحية  تتركز كثافة الجريمة حول المرأة  ولذلك يمكن ان تقمع المرأة لجمالها أو لذكائها أو حتى لتفوقها في دراستها عقب الاقتران ، لا يحصل العريس في ليلة عرسه هذه في مثل هذه الأحياء على صفقة جيدة جدا فحسب بل يحصل أيضا على عبد أو تابع جديد يتم تشكليه بالحرمان والقسوة وديكورات المجتمع وقوانينه الرخيصة والمصنوعة من سكراب الماضي الرخيص مع مستحضرات العولمة الأمريكية المتخمة بالتخريب  والتي جلبتها الهواتف الخلوية ومواقع الأضاحي البشرية التي تسمى زورا  بمواقع التواصل الاجتماعي كي يعيد إنتاج ذاته مع عيوب أكثر وشظف عيش أقسى ،  ليس هذ بتعميم لكنه الأغلب كما نرى ونعرف ونلمس .

فقرنا الآخلاقي والعلمي المصنع خصيصا للشعوب العربية هو من جلب فقرنا المادي والمعيشي ، وفقرنا المعيشي والآخلاقي غرس أنيابه في قيمنا وثوابتنا التي تتعرض للتذويب  ولم تعــــد متماسكة كما في الماضي  وكل يعيد إنتاج بعضه البعض ، الأعراس التي يفترض بهـــا أن تظهر ثقافة الأمة وثوابتها ومعاني قيمها في أفراحهــا أصبحت مناسبات أكثر لتكون معرضا مجانيا لسطحية  هذا المجتمع ومدى فقدانه وتخليه عن ثقافته العربية الإسلامية التي هي سر قوته ومناعته  ، القيم النبيلة التي تحملها الأعراس الجميلة في الموروث الشعبي كانت تحمل رموزا تدلل على مكانة المرأة ورجولة الرجل وصونه وتقديره لشريكة حياته وهي بذلك تعكس فهمنا وحقيقة تقديرنا كشعوب عربية إسلامية لمكانة وقيمة المرأة ، مثل أعراس اليوم من فقيرها حتى غنيها لم تعد تحفل بشيء بقدر إظهار الثمن المدفوع والسعر الذي تم به شراء فاطمة.

عقب قضائي لبقية الساعتين في خليط الحفل يمكن لأي فرد بمكاني أن يتوصل إلى كل الحقائق الكاريكاتيرية والمضحكة او الساخرة حتى البكاء اذا تفكر قليلا بهذا الحدث والمجتمع الصغير الذي يضمه ويمثله ، لكن في نهاية المطاف ستتبلور لديك قناعات صغيرة تحضر فورا لذهنك  في ظل الهجمات المستمرة على المجتمعات العربية ومحاولة هندستها لتتقبل السموم الغربية الخطيرة التي يجري تداولها واللعب فيها على نطاق واسع ، هذه الفكرة الأخيرة ستدفعك لفرحة ظافرة خفية.

مثل هذه المجتمعات البائسة الغارقة في الفقر والعوز والتهميش والتجهيل صحيح أنها تشلحت من أشياء كثيرة تم نزعها بقوة ادوات وبرمجيات العولمة والتطبيع والتلاعب على الثقافة الاسلامية لكن هنالك بقايا محفوظة لا يمكن التنازل عنها مهما حاول باعة السياسة أن يفعلوا ، لا يمكن لشعوبنا البسيطة هذه أن تقبل شيئا اسمه ( المثلية ) ولا سبيل لطرح هذا المصطلح هنا وسط وجوه تحمل حراب الثقافة الأزلية حول هذه الحدود ، إنه رهان خاسر بنسبة 100%  ، لا يمكن لشعوبنا أن تقبل فكرة الصلح والتطبيع والتنازل حتى لو فعل السياسيون كل ألاعيبهم وحيلهم  ، لا يمكن لهذه الشعوب أن ترحب بعدوها في وسطها حتى لو فعل التجار والمتاجرون وسماسرة الصفقات ، لا يمكن لهذه الشعوب أن تشرعن الإنحلال وتتقبل انفلات عقال الشرف وخط الكرامة الشخصي  والذاتي حتى لو تم دسُّ الآنحلال كقوانين مواربة ، صحيح ان قلبي معك يا فاطمة من ظلم هذا المجتمع وقسوته ،  لكنه  على الرغم من كل ذلك لا يزال أشد بك رحمة من الضياع  في مفرمة  مجتمعات الغرب التي باعت مكانتك منذ زمن بعيد وتمعن في الاعتداء على عرشك ومكانتك.

كاتب عربي فلسطيني

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى