بين المقاتلات مع استالين، ومواقف القادة العرب / رائعة محمد
في كتابها “ليس للحرب وجه أنثوي” تنقل البيلاروسية، النوبلية سفيتلانا أليكسييفيتش كلمات العائدات من الموت؛ من الحرب، بقايا من آلاف النساء اللاتي تقاطرن يوميا من بيلاروسيا وروسيا وأوكرانيا ليقاتلن تحت قيادة ستالين ضد الألمان، في الحرب العالمية الثانية، سيدات اندفعن إلى الحرب آنذاك وهن فتيات تتراوح أعمارهن ما بين الثامنة عشرة والعشرين عاما، شاركن في كل أعمال الجبهة من قنص، وقتال بري وبحري وحمل للرشاشات، وقيادة في فصائل سلاح الهندسة، والاستطلاع..
وكثيرات موّهن أعمارهن الحقيقية(16 أو حتى 14 عاما) للإفلات من الإقصاء منها، وأخريات عملن جراحات، ممرضات، خبازات، وغسالات وحتى بناءات..
واجهن عواطفهن المرهفة، وبنيتهن المختلفة عن تلك الخشنة التي يتمتع بها الجنود عادة، ولم تقصُر نتائج أعمالهن -مع قِصر مدة التدريب عليها- عن ما تدرب عليه الرجال لسنوات..
سأتجاهل فضول الراغبين في التفاصيل تمالأً مع المؤلفة في تمويهها محتوى الكتاب بالعنوان، ولأخلص إلى القاعدة التاريخية العامة القائلة بأن “التاريخ يعيد نفسه” وإن ارتدى أثوابا مختلفة..
حين نفكر في الجانب الإنساني البحت، والانتصار من الطرفين المتحاربين كل لأيديولوجياته، وحين نُسقط الماضي على الحاضر تتمثل أمامنا عدم قابلية الأعذار للعرب والمسلمين في الانتصار لحربهم، حرب الظلم العالمي لفل.سط.ين، وتعرِض المقارنة بين مقاتِلات الحرب العالمية الثانية، ومقاتلي الكراسي العرب نفسها بجلاء، وتعلق الأسئلة الكبيرة في أعالي شباك التعجب..
-أليست الخيارات المتاحة لإسهام حكامنا أقل خطرا مما أقدمت عليه هؤلاء النسوة؟ إضافة إلى أن الشعوب مستعدة لتبعات هذه الخيارات..
-أليست هنالك فوارق أخرى فيما يتعلق بالإيمان بالعواقب كان من المنطقي أن تكون حافزا أكبر مما لديهن؟
-وباعتبار تلك الفوارق الطبقية المبنية على أساس الجنس ألا يجدر بالرجال أن يكونوا أكثر إقداما وجرأة من النساء؟!
=====
أوجزت إحدى هؤلاء الجنديات هول الحرب، وصعوبة الحديث عنها بقولها حين وصفت حال أم لخمسة أبناء قتلوا بطرق بشعة، مختلفة وصارت تسير في الشوارع تحدث الناس عن تفاصيل ذلك “لقد كانت مجنونة، ولهذا كانت قادرة على الحديث”.
ولا أستطيع إلا أن أقول وبكل فخر أن النساء هناك في غزة يعيشون ماهو أسوأ ويحتفظن بعقولهن، بإيمانهن..
من خلال أحاديثهن-وعن طريق جميع مؤلفاتها -أرادت الصحفية، الكاتبة أن تكشف بشاعة الحرب، وأن تقذف في قلوب الجميع الرهبة منها، وتزرع هوس السلام في أقاصي وجدانهم، وأعتقد أن حال حكام العرب الآن سيرضيها؛ هذه الرغبة المخجلة في السلام، والأعناق المنحنية خوفا من المواجهة..