السيارات الضخمة في شوارع العاصمة.. / المرتضى محمد أشفاق
صنف من هذه السيارة يزن ثلاثة أطنان، وبقوة ثلاثمائة حصان يقودها غالبا(بنكوصة)، مجهري، كأنه فطيم تعجل عن حولين كاملين..
أي أنها كتيبة مسلحة، متحركة بخيولها، وعتادها،أعنتُها بيد قاصر لا يميز بين التيس والضفدعة..
ظاهرة السيارات الفخمة في شوارع العاصمة، وهي بهذا الحجم، كتلةً، وقوةً، وتكلفةً، دليل غباء، ومراهقة عقلية لم تبرح رحمها البدوي المتخلف، ليس ضررها محصورا في الحيز المكاني الذي تشغله من الطريق العام، وما تجلبه سمنتها الزائدة من حوادث سير، ولا بغلاء الوقود والزيت، وقطع الغيار، لكن بأضرار التصدع، والتشقق في الطرق المبلطة بسبب وزنها، وبتعطيل حركة المرور أحيانا لضخامتها وحجبها الطريق عن السائقين، وصعوبة التوائها بطريقة سريعة تلقائية..أما ما يضاع فيها من أموال قد تختفي فجأة، ونهائيا حين تتعرض لحادث، أو حريق، أو سرقة، فيكفي أولي الألباب صارفا وزاجرا..
وحين تذهب الواحدة منها إلى غرفة نومها، فلن تسعها إلا قاعة بحجم مدرج محاضرات تكفي سكنا لعشر أسر من فقراء المسلمين..
أما كان استغلال السيارة الصغيرة، والرخيصة، أنفع لجيوب الناس، وأكثر ترشيدا لأوقاتهم، وتنظيما لمواعيد عملهم، وتسوقهم، ونقل أطفالهم إلى المدارس، ومرضاهم، إلى المشافي بطريقة انسيابية واقية من اختناق زحمة المرور..
هل يحدث مثل هذا البذخ الملعون، وهذا الإسراف المجنون إلا في هذه الديار التي نام أصحابها على ظهور الأتن، واستيقظوا وهم في بطون هذه الأساطيل البرية التي ابتلعتهم وهم لا يفقهون..