“شهداء الطب : حراس الحياة، عزيمة لا تقهر في أرض الصمود”/ د. أروى محمد الشاعر
لقد تم تعطيل وقصف ٣٢ مستشفى من أصل ٣٦ ورغم ذلك هؤلاء الاطباء والممرضون والمسعفون يعملون على مدار ٢٤ ساعة دون كلل لإنقاذ ما يمكن انقاذه رغم النقص الحاد في الخدمات والمعدات والأدوية وغرف العمليات والتخدير……الخ. إن إستشهاد بعضهم على يد القتلة الطغاة الصهاينه أدمى قلوبنا وكان اَخرهم الدكتور الشهيد أسيد جبارين أخصائي الجراحة في مستشفى جنين، ومن سبقوه، يحضرني أسماء بعضهم:
الشهيد الدكتور الشاب الجراح الموهوب أحمد المقادمة ووالدته الشهيدة الدكتورة يسرا المقادمة مستشفى الشفاء غزة
الشهيد الدكتور الشاب همام اللوح إستشاري أمراض زراعة الكلى ( ٣٦ عاماً ) مستشفى الشفاء غزة
القائل: ” إذا ذهبت من سيعالج مرضايا، هل تعتقد أنني ذهبت إلى كلية الطب، ودرست 14 عاماً لأفكر فقط في حياتي وليس في مرضاي؟”.
الشهيد الدكتور عدنان البرش استشاري رئيس جراحة العظام مستشفى الشفاء غزة
إنني كطبيبة أشعر بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم، إنهم يصنعون تاريخًا جديدًا لأمة ترفض الخضوع، يعملون تحت وطأة القصف والقتل والحصار حاملين على أكتافهم ليس فقط مهمة إنقاذ الأرواح، بل مهمة الدفاع عن الكرامة الإنسانية وحق العيش بسلام، إتهم الصوت الذي لا يخاف، اليد التي تخفف الآلام ولا ترتعش، والعزيمة التي لا تلين، يواجهون القهر بصبر، ويصنعوا المعجزات في أتون المعاناة. متمسكين بالأحلام الكبرى لوطن يسوده العدل والحرية. إنهم الرجاء في عيون الأطفال، والشفاء في قلوب المرضى، إنهم حراس الحياة وجنود السلام في أرض الفداء ، إنهم صدى الحقيقة في زمن الزيف، والشموخ في وجه العاصفة، لا يعرفون الإنكسار.
هذه القصيدة ليست مجرد كلمات، بل هي وثيقة عهد وتعهد، تؤكد أن ذاكرتنا لا تنسى وعزمنا لا يموت. إنها دعوة للصمود في وجه الطغيان، للإيمان بأن الفجر الجديد ليس ببعيد، وأن النصر يُولد من رحم المعاناة.
لن يقوى علينا يأس، ولن تخمد فينا جذوة الأمل،
فليعلم الظالم والمحتل أننا لن نتزحزح، ولن نلين، وستبقى فلسطين في قلب كل واحد منا، تنبض بالحياة، بالمقاومة، وبالأمل الذي لا ينتهي. سنقف دائمًا على العهد، نحفظ الوصايا، ونحمي الأرض، معلنين للعالم أجمع أن هذه الأرض، بكل شبر فيها، معمدة بدماء الشهداء والأطفال ودموع الأمهات. سنعيد كتابة الحكايات لتحكي عن أمل لا يخبو وعن قوة تتجدد بلا توقف، ولن نسمح لظلام الاحتلال أن يطفئ ضوء الحرية الذي بداخلنا.قوتنا لا تأتي من السلاح، بل من قوة عزيمتنا وصلابة إيماننا بأننا، على الرغم من الألم والتحديات، سنظل دائمًا كما نحن: أبناء فلسطين، حراس العهد، محاربي الظلم، وصانعي التاريخ. وسنظل، مهما طال الليل، ننتظر فجر الحرية الذي لا محالة سيأتي.
سنظل نناضل بكلماتنا، بأعمالنا، بإصرارنا، حتى يعم السلام أرجاء وطننا الحبيب. أكتب إليكم، زملائي، لأعبر عن الألم الذي يعتصر قلبي والأمل الذي يجب أن لا يفارقنا. ليس لنا مكان يحلو إلا فلسطين، أرض الصمود والتحدي. نحمل على أكتافنا وطنًا، وفي قلوبنا حلمًا لن يزول.
أكتب إلى كل زميل في ميدان الطب، وإلى كل من يقف على خط النار، لأذكركم أن روحنا التي لا تلين هي رسالتنا الأعظم. نحن نحمل شعلة الأمل ونحميها بصدورنا، فكلما زادت الضغوط، ازددنا إصرارًا وعزمًا. وفي كل مرة ننجح في إنقاذ حياة، نثبت أن الإنسانية لا تزال على قيد الحياة، حتى في أشد الظروف قسوة.
أنهي رثائي لكم بقصيدتي
قَادِمُونَ عَلَى الْوَعْد
مَطَرٌ يَغْسِلُ دُمُوعِي
رِيَاحٌ تُبَعْثِرُ أَحْزَانِي
وَجَعٌ أَشَدُّ مِنَ الْأَلَمِ
الرُّوحُ تَحْتَضِنُ جُرُوحِي
عَاصِفَةٌ تَخْتَرِقُ كِيَانِي
حُزْنٌ يُطَوِّقُ صَدْرِي
هُوَ أَقْسَى مِنَ الْمَوْتِ
سَمَاءٌ تُحَاكِي شَمْسًا
قُرْصُهَا يَزْرِفُ دَمْعًا
تَغْتَصِبُ بَكَارَةَ الْوَطَنِ
آهٍ وَآه يَا وَطَنِي
هُنَاكَ غَرِيبٌ يُعَرْبِدُ
لَيْسَ لَهُ فِي أَرْضِكَ جُذُورٌ
وَلَا هُوِيَّةٌ وَلَا انْتِمَاءٌ
أُنَادِيكَ بِاسْمِ الرَّبِّ وَالْعَدْلِ
ضَارِعًا أَبْحَثُ عَنْكَ فَاقْرَعْ بَابِي
لَنْ يَلِينَ إِصْرَارِي عَلَى حَقِّي
وَلَنْ أَنْسَاكَ وَيَهُونَ عِشْقِي
خَارِجَ الْمَكَانِ مَا بَيْنَ التِّيهِ وَالتِّيهِ
أَرَاكَ كُلَّ يَوْمِ فِي أَلْوَانِ رُوحِي
حُبُّكَ قَزْحٌ لِقَلْبِي لَا يَنْتَهِي
أَسْتَلْقِي عَلَى بُسَاطِ الشَّوْقِ
أَسْمَعُك مِنَ الْبُعْدِ تُنَادِي
بَيْنَ الْقُضْبَانِ مُنْتَصِبًا تُعَانِي
قَامَتُكَ لِلظَّالِمِ لَا تَنْحَنِي
تَحْمِلُ هَمَّنَا وَلَا تَرْكَعُ
تَحْمِلُ شَهَادَةَ تَارِيخٍ لَنْ تُلْغَى
وَجَوَازَ سَفَرٍ يَنْتَظِرُ
عَلَى صَفَحَاتِهِ جُمْلَةٌ كُتِبَتْ
“لَنا الْبَقَاءُ وَلَنا الْوَطَنُ”
فَلْيَقُولُوا مَا يَشَاؤُونَ وَلْيَرْحَلُوا
يَحْتَرِقُ زَيْفُهُمْ وَيَبْقَى التَّارِيخُ
نَحْنُ نَرَى مَا لَا يَرَوْنَ
أَبْرَاجُهُمْ رَمْلِيَّةٌ هَشَّةٌ سَطْحِيَّةٌ
يُضَاجِعُونَ الْحَرَامَ فِي مَزَابِلِ الْعَارِ
فَلْيَسْمَعُوا مَا نَقُولُهُ مَا نَسِينَا
رَاسِخَةٌ فِي الْأَرْضِ جُذُورُنُا
نَسْقِي التُّرَابَ مِنْ دَمِنَا
يَصْنَعُ الْمُسْتَحِيلَ أَبْطَالُنَا
نَحْنُ الْوَطَنُ وَهُمُ الْعَابِرُونَ
نحن الأَمْسُ واليوْمُ وَالْغَدُ
نَحْنُ الزَّيْتُونُ وَالْبُرْتُقَالُ وَالْقَمْحُ
نَحْنُ السَلامُ والْحُبُ وَالأَمَلُ
نَحْنُ المقاومة وسُيُولُ الْبُرْكَانِ
وَنَحْنُ الْمَكانُ لِكُلِّ الْأَحْرارِ
بُطولاتُنا تَقِضُّ مَضَاجِعَهُمْ
وَتَسْتَقِرُّ في صُدورِهِمْ أَحْجارُنا
فَلْيَرْحَلُوا قَبْلَ أَنْ تَرْكِلَهُمْ عَاصِفَتُنَا
أرضُنا تَفِيضُ غَضَبًا
ثَقِيلَةٌ هِيَ فَوَاجِعُ الْقَتْلِ
وَوَحْشَةُ اللَّيْلِ وَالقهر
أَبْنَاؤُكَ يَا وَطَنِي
عَلَى الظُّلْمِ تَمَرَّدُوا
فِي أَصْيلِ الْفَجْرِ انْطَلَقُوا
اخْتَارُوا دَرْبَ الْكَرَامَةِ وَمَضَوْا
ثَارُوا أُسُودًا إِلَى الْحَقِّ وَاسْتَبْسَلُوا
تُبْصِرُ رُوحُهُمْ فِي نور الْفِداءِ بَيَاضًا
وَفِي بُؤْرَةِ الْمُحْتَلِّ سَوَادًا
إِلَى مَدِينَةِ الرَّبِّ صَعَدُوا
وَعَلَى وُجُوهِهِمْ بَسْمَةٌ تُبْشِرُ
أَرَى عَلَى جَسَدِكَ الْمُدْمَى يَا وَطَنِي
رَيَاحِينً تَلُفُّ أَجْسَادَ الْأَبْطَالِ
صَافِرَاتُ الْمَوْتِ تَقْسُو
وَعَرَبَاتُ الشُّهَدَاءِ تَدْنُو
زَغَارِيدُ الْأُمَّهَاتِ تَعْلُو
مَعَ زَفَّةِ الْوَدَاعِ تَدْعُو
بِمَرْثِيَةٍ إِلَى الْخُلُودِ تَرْنُو
تَنْحَنِي السَّمَاءُ إِجْلَالاً
نُجُومُهَا تُضِيءُ تُرَابًا
ضَمَّ فِي ثَنَايَاهِ أَبْطَالاً
تَثُورُ الْجِبَالُ حِمَمًا تَغلو
بُرْكَانُهَا يَفِيضُ غَضَبًا يَطْفُو
يَبْزُغُ فَجْرُ الْخَلَاصِ وَيَدْنُو
سَنَابِلُ الْحَقْلِ تَمُوجُ وَتَحْلُو
قِطَافُ الزَّيْتُونِ مَوَاسِمُهُ تَزْهُو
أَشْجَارُ الْبُرْتُقَالِ تَمِيلُ وَتَحْنُو
الْأَصْفَرُ يَخْضَرُّ وَالزَّنَابِقُ تَبْهُو
الْغَاصِبُ يُطْمَسُ وَيَخْبُو
وَأَرْضُ الْوَطَنِ تَطِيبُ وَتَزْهُو
تَطهر مِنْ رِجْسِ الْغُزَاةِ وتسمو
تَكْسِرُ جِدَارَ الْعَزْلِ تَنجو
يَلْتَحِمُ جَسَدُ الْوَطَنِ وَيَنمو
تَقْرَعُ أَجْرَاسُ الْحُرِّيَّةِ تُعلو
مَعَ زَغَارِيدِ الْعَوْدَةِ تَشْدُو
وَهَا نَحْنُ عَلَى الْوَعْدِ نَخْطُو
نَحْفَظُ عَهْدًا لَا نَلْهُو
وَلَيْسَ لَنَا مَكَانٌ
إِلَّا فِي فِلَسْطِينَ يَحْلُو