مأمورية الشباب / مريم محمد سالم
إبّان الحملة الرئاسية 2019 تعهد رئيس الجمهورية محمد ول الغزواني بأن لا يترك مواطنا على قارعة الطريق ، وبعد انتخابه بفترة صرح في إجابة على سؤال صحفي بأن تعهده ذاك مجرد كلام من كلام الحملة.. بغض النظر عن حقيقة تعهده الأخير بمأمورية للشباب وبالشباب ، نتساءل: ما المقصود بمأمورية الشباب وكيف فهمها المتلقي ؟
المتابع للصفحات النشطة على مواقع التواصل الاجتماعي قبيل إعلان الحكومة لم يفته ترقب الجميع لحكومة من الشباب ،وبعد إعلان الحكومة عبر البعض عن خيبة أمله ، بينما اعتبرها آخرون الحكومة المناسبة لأن نصف عدد وزرائها من فئة الشباب.
إذن هي حكومة نصف شابة بحساب أعمار الوزراء ؛ فأيهما أهم للأفراد وللوطن: توزير الشباب، أم تشغيله ؟
من يمجدون المناصب ويهتمون بالتعيينات أكثر من الانجازات يختزلون إنصاف أي فئة أو مجموعة في الاشراك في المناصب السامية وإدارة الشأن العام ، سواء بدافع العمل أو الظفر بنصيب من الكعكة.
لا يهمهم عدد الحقائب المتاحة وتأثيره المهمَل على العدد الاجمالي للشباب العاطل عن العمل وذوي الدخل المتدني، بقدر ما يهمهم الحضور القوي لهمة وحماس وطموح الشباب وادإدراكه لتحديات الحاضر والمستقبل.
أما من يشغلهم الواقع الاقتصادي والاجتماعي لأكبر وأهم فئة عمرية فلا قيمة للوزارات عندهم ولا للوكالات ولا المندوبيات، ما لم تنعكس على نسبة البطالة وظروف الموظفين وأعداد المهاجرين…
تعوّد المواطن الموريتاني على المحاصصة في الحكومات المتعاقبة، مما جعلنا نُصدم كلما فكرنا في الاقتراب من دولة المواطنة بظهور شريحة أو فئة تريد التمثيل في تلك المهزلة المتناقضة مع مفهوم الكفاءة والمؤسسية ! لماذا ينتظر الشباب من الوطن وظائف غير متعبة وبدخل مريح ولا يترددون في خدمة وبناء دول أجنبية مقابل دخل متوسط؟ ولماذا لا توفر الدولة مشاريعا تنموية ضخمة تدفع قاطرة التنمية المتعطلة وتوفر فرص عمل بمردودية مقبولة ؟
لماذا عندما تحدث الرئيس عن مأمورية للشباب وبالشباب تركز تفكيرنا على وظائف محدودة باتت حلم شعب بأكمله؟!
شعب يعيش حالة نفسية واقتصادية معقدة يتراوح بين واقع بائس وخيال مهوس بالمال والنفوذ ولا مكان فيه للعمل واستثمار الوقت الذي هو أغلى ما نملك، ولا يمكن تعويض دقيقة واحدة منه، لماذا لم نتوقع أن يبعثنا إى المزارع والحقول والمناجم …؟
متى تتعامل الحكومات مع مشاكلنا التنموية والانسانية بالطرق العلمية والعملية وبكل نزاهة وصرامة بدل تحويلها إلى عناوين عريضة للاستهلاك الاعلامي وينابيع مالية ينهل منها المفسدون وطفيليات الوظائف الوهمية ؟