تقلب الأحوال في مواقف الرجال (تدوينة)
غداة انقلاب 6-8-2008، كان الرئيس أحمد ولد داداه ممن التقوا قائد الانقلاب وأعطوه دفعة معنوية وسياسية غير شخصية حين وصفه بـ”حركة إصلاح”!
أما الرئيس مسعود فكان عكس ذلك، عارض الانقلاب وانتقده بشدة، واتخذ موقفا شخصيا قويا يوم أدار سيارته واستدبر القصر الرئاسي؛ حيث كان مدعوا مع رؤساء الأحزاب للاجتماع بالجنرال، رادًّا بذلك على استفسارات مستفزة من حرس باب القصر الرئاسي.
وأما الرئيس بيجل ولد هميد، فهو صاحب موقف وفاء معروف لرئيسه ولد الطائع. ولم يكن يشاطر رئيس الجمهورية المنتخب (ولد الشيخ عبد الله) العرفان والاعتبار لقائد “بازب”. وكان إبان وزارته في القصر يعامل الجنرال على أساس أنه ضابط مكلف بالأمن الرئاسي لا أكثر. ويروي بعض الإعلاميين ذوي العلاقة بتغطية النشاطات الرئاسية يومها أن الجنرال كان لذلك على جفاء شخصي مع ولد هميد ويراه متكبرا.
وعلى عكس السابقيْن، كان رجل الأعمال ولد بوعماتو ـ المدين بكثير من “نجاحاته” لولد الطائع ـ من أشد المؤيدين حماسا لانقلاب 2008، الذادِّين عنه بالمال والمقال والأعمال… حتى إنه قال في مهرجان ساحة عرفات ـ التي فال وعد الرئيس بتحويلها إلى ساحة خضراء ـ ما معناه: “أيها الناس من كان لي عليه منة أو يسمع قولي أو يريد شكري وبري… فليؤيد هذا الرئيس ويصوت له ويدعو بدعوته…” (ولولد بعماتو هذا منة على كثير من الناس ممن ءاساهم “طب العيون” الخيري الذي ينفق عليه سواء للناس؛ فكان رحمة من الله لكثير من الفقراء المضطرين).
فسبحان مقلب القلوب، ومدبر الخطوب… فإن الأول والأخير أصبحا من أشد خصوم الرئيس. وأما الثاني والثالث فهما الآن من أهم داعميه ورافعيه، رغم أنهما لا يتبجحان بذلك؛ بل يتظاهران بالانتماء إلى معارضيه! ويدعيان ـ كل على شاكلته ـ أنهما من جنس سياسي “ثالث”، لا هو معارضة جادة ولا هو موالاة صريحة مكشوفة!
والله يعلم المصلح من المفسد. ولقد أحسن ابن أحمد دام حين قال:
ومن صحب الأيام أنأين جاره * وأدنت له من ليس بالمتداني
محمد محفوظ أحمد – من صفحته على الفيسبوك