ماكاد يغيب حتى خرت المعارضة راكعة، مقبلة يد السلطان../ المرتضى محمد أشفاق
عجيب..!! كلما قرأت حديث القوم الذين استهموا على سفينة فكان بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وعندما قال الذين في أسفلها للذين في أعلاها لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن شدوا على أيديهم نجوا جميعا..
أسقطت هذا المعنى على الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وأحزاب المعارضة التي كانت تملأ الرحب نضالا، وحراكا، ونشاطا، وخطبا ثورية تكاد كلماتها تحرق ولو لم تمسسها نار… فبدا أن ولد عبد العزيز كان ضروريا للمعارضة الخارجة من سجون ولد الطائع، وسياط جلاديه، لتعيش ربيع عمرها السياسي.. كأن في هذا العدو الصديق مادة ضرورية لحياة المعارضين..
وما كاد ولد عبد العزيز يغيب عن المشهد حتى خبا صوت المعارضة، وبدأت آلهتها تتهاوى، وتنكب على أنوفها، ثم تنخلع من جلباب وثنيتها، وتخر راكعة، مقبلة يد السلطان.. هذا ليس منكرا لمن أدرك أن المعارضة هي وجه الموالاة المغاضب، تُسرتضى كما تسترضى المرأة (المغتاظة)، بأتان كما في الزمن القديم، وبما يجانس أتننا القديمة في أيام الناس هذه..
ومن العحب أن عزيزا (زبى) بعض هؤلاء، فأظهر هشاشة القبض، والصبر على المبادئ، وأظهر أخطر من ذلك، وهو الأنانية السياسية، وارتباط الانضباط الحزبي بتصدر المشهد احتكارا، وإقصاء.. فبعض من تسلقوا على أكتاف مناضليهم، وأحلوهم دار القيادة والزعامة، وخيل إليهم أنهم أصبحوا أوثانا لا تثبت صناديق النذور إلا عند أرجلهم، تخلوا عن دورهم النضالي عندما أزاحتهم عملية التناوب الديمقراطي على القيادة، والتمثيل، وتنكروا لمن ركبوا ظهورهم كأن لم يكن بينهم سالف ود، ولا نهج مشترك..
أيها الموريتانيون، الأحزاب عند الله حزبان، حزب الله، وحزب الشيطان، وأحزابنا حزبان، حزب منتفعين، ودوره التطبيل، والتصفيق، والنفاق.. وحزب طامعين، أي الموالين(ابريم) ودوره العياط، والزياط للفت الانتباه إليه، ومتى مدت إليه يد بصدقة سر ارتد عن دينه، وسب آلهته، وتاب من ضلاله القديم.. نحن لم نبلغ مستوى الوعي السياسي الصحيح الذي يجعل الأحزاب مؤسسات مستقلة لا مستغَلة، قابضة على حبل الصمود، والنضال، بعيدا عن الورقية، ودكاكين بيع المواقف، والولاءات..