المقاومة بين إيران والعرب/ السفير د. عبدالله الأشعل
28 ديسمبر 2024، 18:29 مساءً
نشأت المقاومة الفلسطينية عن طريق فتح فى القاهرة عام 1965 وكان الدافع الاساسى لمصر هو تشكيل كيان فلسطينى يمثل الشعب الفلسطينى وكانت المقاومة أحد الأذرع التى أنشأتها القاهرة لهذا الغرض وفى عام 1982 تواطأ العالم العربى مع إسرائيل على غزو بيروت وكانت مصر قد دخلت المعسكر الأمريكى عام 1979 ولم يكن غريبا أن مصر التى وقعت مع إسرائيل مجموعة معاهدات انعكاسا للتقارب بينهما اتخذت موقفا معاديا لمنظمة التحرير الفلسطينية التى هاجمت مصر بسبب هذه المعاهدات وكانت المنظمة ضمن معسكر الرفض وفى عام 1982 عندما غزت إسرائيل بيروت كانت الثورة الإسلامية فى إيران قد قامت منذ ثلاث سنوات فاتخذت موقفا مبدئيا ضد إسرائيل والولايات المتحدة وساءها كثيرا أن تنتقل مصر من معسكر المقاومة إلى معسكر الهيمنة الأمريكية وهذا هو الفارق بين جمال عبدالناصر وأنور السادات على الأقل من الناحية الظاهرية ولذلك وقعت مصادمات بين مصر وإيران وكان الشاه بحكم موقعه فى المعسكر الغربى والسادات متجاوران ولذلك رحب السادات بقدوم الشاه إلى مصر بعد طرده من إيران وظلت العلاقات مقطوعة منذ عام 1979 حتى الآن ومادام إيران ومصر فى معسكرات متعاكسة فإنه ليس من السهل استعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين لهذا أنضمت مصر إلى الدول العربية الأخري فى الموقف العدائى من المقاومة وكان ذلك لأربعة أسباب:
السبب الأول: أن إيران فى معسكر المقاومة تدعم المقاومة ومصر فى المعسكر الأمريكى ضد المقاومة.
السبب الثانى: أن حلفاء مصر أمريكا والسعودية وإسرائيل ضد المقاومة ومعنى ذلك أن الدول الثلاثة لها تأثير كبير على قرار مصر فيما يتعلق بإيران والمقاومة .
السبب الثالث: هو الصدام بين قيادة المؤسسة العسكرية – القيادة السياسية وبين الإخوان المسلمين والمقاومة الفلسطينية وحتى المقاومة اللبنانية ذات طابع إسلامى وإن كانت تناقض ظاهرياً بين الشيعة والإخوان المسلمين وإن كان التحالف كاملا بين حماس والإخوان من الناحية العقائدية والمذهبية.
السبب الرابع: هو حرص واشنطن على التاثير فى القرار المصرى خصوصا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.
هكذا انقسمت المنطقة إلى معسكرين المعسكر الأول الذى تتزعمه واشنطن والمنحاز لإسرائيل أما المعسكر الثانى فهو الذى يعادى واشنطن وإسرائيل ويدعم المقاومة. وكان طبيعيا أن تهجر الدول العربية فى المعسكر الأمريكى المقاومة لثلاثة أسباب
الأول أن المقاومة تدعمها إيران التى تعادى الولايات المتحدة
الثانى أن المقاومة تعادى إسرائيل والعلاقة بين وجود إسرائيل ووجود الحكام العرب علاقة حتمية
الثالث أن المقاومة خيار الشعب الفلسطينى وأن الحكام العرب قضوا واماتوا الشارع السياسى العربى خوفا من أن تنقلب المظاهرات ضد إسرائيل إلى مظاهرات برحيل الحاكم ولم يسمح حاكم واحد بمظاهرة تندد بحليفته إسرائيل ففى الوقت الذى هجر فيه العرب المقاومة اعتمدت اعتمادا مطلقا على إيران وكلما أشتد العداء الأمريكى الإيرانى اشتد عداء العرب للمقاومة واقترابهم من إسرائيل. ولكن ليس ظهور ايران هو السبب في العداء للمقاومة
وكثيرا ماانتقدت بعض الدول العربية المقاومة لاعتمادها على إيران وسعى الإعلام العربى إلى احلال إيران محل إسرائيل والصراع والحل فى نظرنا لا يخرج عن احتمالين الأحتمال الأول هو أن تسعى الدول العربية بما لها من صلات بأمريكا وإسرائيل لكى تسوى القضية الفلسطينية تسوية عادلة فلانكون بحالة إلى المقاومة أو إلى إيران ولكن هذا الحل لا تجرؤ عليه الدول العربية لأنه يتناقض مع جوهر المشروع الصهيونى.
الحل الثانى هو أن يحل العرب محل إيران فى دعم المقاومة كما كان الحال فى العصر الناصرى نسبيا ومع ذلك فإن حلفاء أمريكا كانوا على خلاف دائم مع مصر ومن بين موضوعات الخلاف دعم مصر للمقاومة الفلسطينية ويعمد الحكام العرب إلى تشجيع أبو مازن للتعاون مع إسرائيل تحت عنوان التنسيق الأمنى وبذلك يتصدى للمقاومة عن طريق قوات السلطة فلايمكن أن تحدث مصالحة بين طبيعتين مختلفتين أو معسكرين مختلفين. أبو مازن والمعسكر الأمريكى الاسرائيلى والمقاومة فى المعسكر الإيرانى المقاوم إذا تمت تسوية الصراع بين إيران والولايات المتحدة فإن الميزان سيختل اختلالا كبيرا لأن واشنطن لن تتخلى عن إسرائيل وعلى إيران أن تختار بين دعم المقاومة وحسن العلاقات مع الولايات المتحدة ولكن هذا الافتراض صعب التحقيق لأسباب لا مجال لتفصيلها فى هذا السياق.