canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراءموضوعات رئيسية

ظلالٌ على جدار الروح / كبرياء رجل

كلما تهاوت قيمة، ارتفع جدارٌ من الظلّ في داخلنا. هكذا نحن حين نفرّ من أصلنا: نُخلّف وراءنا مساحاتٍ خاوية، نملؤها بوهم الضوء، فلا يزيدنا إلا عمًى.

بناتُنا… نساءُ هذه الأرض الطاهرة، ما الذي جرى لكنّ؟ صرنَ يهربن من جلال الستر إلى صخب العُري، من دفء الحياء إلى برد الشهرة. يقفن أمام مرايا الهاتف، يبحثن عن صورةٍ تثير ضجّة، عن فيديو يُطلق زوبعة… وكلما اشتعلت الأضواء حولهن، انطفأ شيءٌ في داخلهن. إن ما نراه على “تيك توك” و”إنستغرام” و”سناب شات” ليس عرضًا عابرًا، بل هو انكشافٌ بطيء لجيلٍ فقد إيمانه بعمق الجمال، فراح يستبدله بقشرة لامعة تتكسر عند أول ارتطام بالحقيقة. وما الغاية؟ حفنة من المتابعين، أو دراهم معدودة تدخل الحسابات، وكأن الجوهر العظيم لكرامة الإنسان صار يُباع بثمنٍ بخس، كل هذا لأجل شهرٍ من شهور التريند، ثم تُرمى الأسماء في هوامش النسيان كما تُرمى الصحف القديمة.

والشباب؟ أولئك الذين كان يُنتظر منهم أن يكونوا ملحَ الأرض، صاروا طَفحًا على سطحها. لغتهم هابطة كأحلامهم، أجسادهم أداةٌ للفت الانتباه، أصواتهم خالية إلا من صدى التفاهة. يرون الرجولة عرضًا لا روحًا، حضورًا بلا مسؤولية، يرقصون ويتمايلون، كأنهم ينفّذون حكمًا بالنفي على أنفسهم من معنى الرجولة الحقيقي. وكل ذلك من أجل ماذا؟ من أجل فتاتٍ من الإعجابات أو عقودٍ هزيلة تشتري أرواحهم قبل أجسادهم، فيبيعون الغالي بالرخيص، كمن يبدّل الماس بالحصى.

ثم يأتيك بعض الشيب، ممن كانت السنين تسبغ عليهم هالة الوقار، فإذا بهم يُزاحمون المراهقين على نفس المنصات، يخلعون ثوب الحكمة، ويلبسون رداء المهرج… يغنون ويرقصون، كأنهم يحاولون شراء لحظة شبابٍ مستعارة، وهم يعلمون أن الزمن لا يُرجِع ما أخذ. حتى وقارهم صار سلعةً معروضة، يُساومون بها على حفنة متابعين أو عرضٍ عابر، وكأن الكرامة أضحت عملةً تُصرف في أسواق الوهم.

ولا تغيب عن المشهد تلك الوجوه التي خرجت من ظلال السجون، ترفع راية التوبة على الملأ، بينما تظل أرواحها مأخوذةً بوهج الزيف. أصحاب السوابق هؤلاء، الذين لم يفهموا بعد أن التوبة ليست مشهدًا للعرض، بل رحلة طويلة في خفاء القلب. يبيعون حكاياتهم كأنهم أبطال، يتاجرون بآلامهم القديمة ليصنعوا مجدًا جديدًا هشًّا، وكأنهم لم يتعلموا أن ما يُبنى على الوهم لا يدوم، وأن الجراح إذا عُرضت للبيع زادت نزيفًا لا شفاءً.

لكن وسط هذا الغبار، يبقى طريق العودة مفتوحًا:
يا بنات هذه الأرض، عُدن إلى الأصل الذي منه جئتنّ: الطهر ليس قيدًا بل جناح، والحياء ليس ضعفًا بل قوة خفيّة تحملكنّ فوق وحل الزمن. الشهرة والمال لا يُطعمان الروح، ولا يبنيان مجدًا يدوم. إن النقاء وحده ما يصنع مقامكنّ عند الله وعند الناس.

ويا شبابًا، لقد خُلقتم لتحملوا المعنى، لا لتبيعوه. الرجولة ليست كلمات ولا لقطات، بل صبرٌ على الحق، وثباتٌ حين تزلّ الأقدام. لا تكونوا بناتًا في هيئات ذكور، ولا عبيدًا لمنصّات تنحر كرامتكم في صمتٍ ماكر. عودوا إلى أنفسكم قبل أن تُمحى ملامحكم في هذا الطوفان.

ويا شيوخ الأيام، لا تبيعوا ما بقي من عمركم بثمنٍ بخس. الوقار الذي وهبتكم السنين لا يُشترى ولا يُستعار. عودوا إلى هدوئكم، إلى سجاداتكم، فهناك وحده يسكن الطمأنينة، وهناك الثبات على جدار الزمن.

وأما أنتم أصحاب السوابق، إن كنتم صادقين، فأخفوا توبتكم عن أعين الناس، وبيّضوا صحائفكم بعملٍ لا تعلم به إلا السماء. لا تجعلوا ذنوب الأمس تجارة اليوم، بل اجعلوا منها دافعًا لصناعة الخير في صمتٍ عميق.

في النهاية، تذكّروا جميعًا: لن يُسأل أحدكم يوم القيامة عن عدد متابعيه، ولا عن أرباحه من مقاطع الفيديو، بل عن وزن قلبه. لن تُعرض فيديوهاتكم هناك، بل تُعرض أعمالكم. وهناك، لا كاميرا تُعدّل الصورة، ولا منصة ترفع الاسم. هناك وحدها الحقيقة، وهناك وحده البقاء.

كامل الوجع والود.


المصدر: الفيسبوك – صفحة – كبرياء رجل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى