canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراءموضوعات رئيسية

عام من المأمورية الثانية: حين تتواصل الإنجازات / محمد ولد لحظانه

في أجواء احتفالية تستحضر فيها الموالاة مرور عامٍ على انطلاقة المأمورية الثانية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، لا يبدو التقييم مجرّد تفاعل ظرفي، بل لحظةً ملائمة لإعادة التفكير في المسار، وطرح الأسئلة الضرورية حول الاتجاه والوتيرة والغاية: ما الذي نريد ترسيخه؟ وما الذي ينبغي تجاوزه؟ وأين يمكن أن نحسّن الأداء في ضوء ما راكمناه من تجربة واختبرناه من واقع؟
وقد خضنا هذا العام الأول بذات الهدوء الذي ميّز المسار منذ انطلاقته الأولى، لا لأننا نقلّل من شأن اللحظة، بل لأننا نؤمن أن عمق التحوّل لا يُقاس بمستوى الضجيج، وأنّ الإصلاح الجاد لا يُفرض من أعلى، بل يُبنى من الثقة… من الجذر.
لذلك لم يكن عامًا للشعارات، بل لحظة مراجعة وتقييم دقيق: في الإدارة، في الاقتصاد، في البنية التحتية، وفي العلاقة بين المواطن والدولة. لأن المأمورية الثانية لا يجب أن تكون مجرّد مواصلة آلية، بل انتقالًا إلى مستوى أعلى من الوعي، وجرأة أوضح في القرار، وانفتاح أوسع على المستقبل.
وفي هذا السياق، انطلقت مشاريع، وتحرّكت مسارات، وتوطدت مقاربة جديدة للإصلاح عبر إشراك أكثر انتظامًا وتنسيقًا بين الفاعلين. فجاء البرنامج الاستعجالي – على سبيل المثال لا الحصر – ليجسّد هذه الروح التشاركية، التي لا ترى في الدولة جهازًا فوق الناس، بل وظيفة في صميم تطلعاتهم اليومية، خصوصًا حين يتعلّق الأمر بتفعيل دور الفئات الصاعدة، وتمكين الشباب من المساهمة في رسم التحوّل بدل الاكتفاء بمراقبته من بعيد.
وإذا كانت هذه النماذج تعبّر عن جوهر التوجه، فإنها لا تختزل كامل الصورة، بل تضيء بعض ملامحها، على طريقٍ ما زال مفتوحًا لمزيد من التحقق والتكامل.
وإذا كان الفعل الداخلي قد واصل ترسيخ منطق الدولة في بعدها الاجتماعي، فإن الحضور الخارجي لموريتانيا عرف بدوره ديناميكية لافتة. فتموقعها المتنامي على الصعيدين الإقليمي والدولي لم يكن وليد صدفة، بل نتيجة لتوازن داخلي يُترجم في ثقة خارجية، ظهرت آثارها في تدفقات استثمارية نوعية، وفي محاور تعاون تستند إلى الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وقد جاء هذا الانفتاح الخارجي ليعكس انسجامًا مع الداخل، حيث تتقدم مقاربة الإصلاح على مسارين متوازيين: ترسيخ هيبة الدولة في الداخل، وتأكيد حضورها الوازن في الخارج.
وفي تناغم مع هذا الحضور، شهد العام خطوات إصلاحية مهمّة في المشهد السياسي، من خلال إعادة تنظيم الفضاء الحزبي عبر آليات قانونية واضحة، لا من باب الهيمنة، بل من باب تأطير الممارسة وضمان التعددية. وفي هذا السياق، بدأت تتبلور إرادة وطنية لتوسيع مساحات النقاش الجاد، بعيدًا عن منطق الإقصاء أو الاشتراط، في إطار من الانفتاح المسؤول الذي لا يُقصي أحدًا ولا يفرض مساراته على أحد.
وهي إصلاحات رافقها – على المستوى الاجتماعي – توسيع ملموس لحضور الدولة في مناطق ظلت لعقود خارج الخدمة، عبر خدمات اجتماعية تشمل التأمين الصحي، والتحويلات المالية المباشرة للأسر الهشة، وغيرها من آليات الإنصاف.
غير أن الأهم من ذلك كله، أن منطق الدولة بدأ يستعيد عافيته: لا مجاملة في المسؤولية، لا ضبابية في الأولويات، ولا تساهل مع من يُفرّغ الإصلاح من روحه أو يُفرّق بين الولاء للوطن والولاء للواقع. وحتى في ملف حساس كمكافحة الفساد، ورغم أن الخطوات المعلنة ما زالت دون التطلعات، فإن منسوب الجرأة في المكاشفة بدأ يرتفع، والإشارات السياسية إلى عدم التسامح مع التلاعب بالمال العام باتت أكثر وضوحًا… وهو منحى يجب تعزيزه لا الاكتفاء به.
وقد يكون من الدلالات اللافتة في هذا المسار أن الطموح إلى الأفضل لم يتوقف عند حدود الإنجاز، بل تجاوزه إلى مساءلة ما لم يتحقق بعد. فالرغبة المتزايدة – المعلنة والصامتة – في تحسين الأداء ليست تقليلاً من المنجز، بل تعبيرٌ ناضج عن وعيٍ بأن سقف الممكن كان أعلى، وأن الطموح، حين يعبّر عن نفسه في صمت، يحمل في طياته نقدًا بناءً ينبغي أن يُصغى إليه لا أن يُخشى منه. وهي روحٌ تستحق أن تُثمَّن، لا أن تُساء فهمها… لأنها تعني الكثير، وسيترتب عليها الكثير.
ومن هذا المنطلق، ندرك أن انتظارات الناس لا تقبل التكرار العقيم، وأن تجديد الثقة لا يُمنح إلى الأبد، بل يُدار كرصيد ثمين: إما أن يُثمَّر بالحكمة، أو يُستنزف بسرعة. لذلك، نعيد تأكيد التزامنا بالإصغاء، وبأن الاستقامة لا تعني ادعاء الكمال، بل الصدق في القصد، والوضوح في القرار، والاستعداد الدائم للمساءلة.
ولعل أبرز ما ميز هذا العام، أنه كان عام مساءلة للذات قبل الآخرين، عام بحث عن الأسئلة التي لم تُطرح بما يكفي في المأمورية الأولى، وعن الأصوات التي لم تُسمع بعد، وعن المناطق التي لم تصلها بعد يد الدولة العادلة والحامية… وعن طاقات شبابية ما تزال تبحث عن موقعها الطبيعي في خريطة الفعل الوطني.
وفي النهاية، نعلم أن التحول الحقيقي لا يُقاس بسرعة التصفيق، بل بعمق الأثر. وأن الدول لا تُبنى بحماس اللحظات العاطفية، بل تُبنى على وضوح الرؤية، ونزاهة القصد، واستمرارية الفعل.
هكذا نفهم المأمورية الثانية: ليست امتدادًا مريحًا ولا امتيازًا سياسيًا، بل مسؤولية مضاعفة، وفرصة لصياغة تحول أعمق، وأنضج، وأقرب إلى ضمير الناس… لأن البناء الصامت، حين يُحسن صوغه، يبقى أكثر رسوخًا من أكثر الشعارات صخبًا.


محمد ولد لحظانه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى