قصتي مع “المراقب” : يبلى الزمان وحب ليلى جديد/ أحمدو الأمين الغزالي
في العام 1993 وانا حينها فتى غر جمع إلى المراهقة العمرية مراهقة مهنية وأخرى فكرية ، كنت في مدينة تجكجة المحروسة معلما متربصا ولم يك في المدينة من وسائل إعلام إلا ما يصل عبر الموجات القصيرة ، لذا كانت الأنظار دوما مشرئية نحو القادمين من العاصمة علهم يحملون معهم الجديد مما يصدر هناك في ظل الحركة الدائبة للنشر آنذاك غب صدور قانون الصحافة الذي أعقب ما عرف بالانفتاح الديمقراطي ، وفي غمرة تلقفنا لكل قادم لفت انتباهي عنوان جديد هو : جريدة المراقب لمديرها الناشر الشيخ البكاي ، وهو اسم مألوف بل ومحبوب لنا ممن درجوا حد الإدمان على الإستماع إلى ال بي بي سي ، فزاد هذا العامل من تطلعنا إلى المولود الجديد ، ومما ساهم في رسوخ العلاقة بيني مع المراقب أولا هو انتظام وصولها وثانيا جودة إخراجها وثالثا – وليس آخرا – تنوع وثراء مادتها
على أن مما كرس أكثر تعلقي بالمراقب هو تطورات أخرى على المستوى الشخصي والمهني ، ففي العام الدراسي الموالي ( 94/93) حولت بصورة مفاجئة ( وتلك قصة أخرى ) إلى بلدة لخشب الريفية ، مما يعني أني سأبتعد أكثر عن جسر التواصل مع العاصمة ، وهنا بادر – مشكورا – طيب الذكر المدير إبراهيم ولد اعلاده ( وكانت المراقب تصل عن طريقه ) إلى تزويدي بجل الأعداد التي صدرت حتى ذلك الوقت من الجريدة وتعهد بأن يحتفظ لي دوما بالجديد هذا إذا لم يتمكن من إيصاله إلي حيث اعمل
وصلت لخشب تلك القرية الوديعة والهاديئة يوم 6 نوفمبر 1993 حيث كنت المعلم / عفوا الموظف الوحيد رغم أنها عاصمة مركز إداري ، وقد وجدت في الجو الجديد متسعا من الوقت للقراءة ، ومما دأبت على قراءته تلك الأعداد التي بحوزتي من المراقب ، وقد تضافرت عوامل عدة جعلت جزءا غير يسير من تلك المادة محفورا في ذاكرتي رغم تقادم العهد
كانت الجريدة الاسبوعيةتحفل بتغطية إخبارية متوازنة لتطورات الساحتين المحلية والإقليمية ، إضافة إلى أعمدة ثابتة ، أذكر منها ” خطوط على الرمال ” للشيخ البكاي ، وهو عمود سابق للجريدة ، وما زلت أتذكر أول مرة أقرأ فيها للكاتب تحت نفس العنوان ، كان ذلك عام 91 في جريدة موريتانيا الغد وقد تناول فيه سقوط الإمبراطور الاثيوبي منغيستو هايلا مريم حيث بدأ العمود بالجملة التالية ( في الواحد والعشرين من شهر أغسطس الماضي حمل واحد من أعتى جبابرة القارة الإفريقية امتعته الشخصية على عجل ……) ، ومن الأعمدة الثابتة أيضا عمود لا أذكر عنوانه لكني أتذكر توقيعه ( ع.ذ ) كرسه كاتبه للدفاع المستميت عن سياسات الرئيس ولد الطايع والرد على مناوئيه وتفنيد اطروحاتهم ، وأيا كانت جدية ذلك الكاتب المجهول أو قناعاته فقد سمحت كتاباته بمد الجريدة بمادة حية من خلال ردود الأفعال المتتالية – والحادة أحيانا – ممن يوجدون على الضفة الأخرى ، ومن الأركان الثابتة أيضا عمود على يمين الصفحة الأخيرة يحمل عنوان : رجال ورجال ، وهو كاريكاتير سياسي يتناول الشخصية التي صنعت الحدث في البلد ، وهذا العمود ذكرني حينها بالعموم الذي كان ينشره غسان الإمام في مجلة الوطن العربي منتصف الثمانينيات تحت اسم : أصداف ولأليء .
كما أن العميد الشيخ البكاي تمكن من قضاء فائتة ، حيث نشر قراءة نقدية كتبها المرحوم محمد سعيد ولد همدي لقصيدة السفين للشاعر الفذ أحمدو ولد عبد القادر ، وذكر الشيخ البكاي في تقديمه للقراءة النقدية أنه سبق أن منع من نشرها في جريدة الشعب حين كان مدير تحريرها .
ومن لطائف الأقدار أني في العام 1997 ترشحت لامتحان الثانوية العامة شعبة الآداب العصرية وكان أحد موضوعي اللغة العربية هو قصيدة السفين وقد ساعدني كثيرا في معالجة الموضوع وقتها ما بقي معي مما كتبه ولد همدي ونشرته المراقب ، وقد منحتني تلك ” السرقة الأدبية ” علامة معتبرة في الامتحان
هو حديث لا ينتهي فقصتي مع المراقب متشعبة وعميقة لعدة أسباب ليس أقلها ارتباطها بأحب بلاد الله إلى قلبي : تكانت وما أدراك ما تكانت ؛؛؛
329 تعليقات