محاكمة صحافي على خلفية معلومات عن قتل الجيش الموريتاني معارضين
واستمعت الشرطة القضائية الى مدير الصحيفة سي مامودو وهو زنجي معروف بنشاطه السياسي فى إطار “الحركة الوطنية الديموقراطية”الماركسية التى تشكل إحدى ركائز الحزب الرئيسي للمعارضة “اتحاد القوى الديموقراطية”.
وتقرر أن تكون المحاكمة فى 15 حزيران (يونيو) المقبل.
وكان سي مامودو نشر فى صحيفته خبرا نسب الى”مصادر متطابقة” أن شخصا أصيب برصاصة “مصدرها مبنى يقيم فى طابقه العلوي الحضرمي ولد الطايع” وفى السفلي يوجد مقر “حزب الطليعة الوطنية”البعثي، وذالك خلال أحداث العنف التى شهدتها مدينة نواذيبو العاصمة الإقتصادية لموريتانيا، احتجاجا على فوز العقيد الطايع فى الانتخابات الرئاسية.
وقالت الصحيفة إن الحضرمي ولد الطايع نقيب فى الجيش بينما هو رجل أعمال لا صلة له بالعسكر.
وحملت الصحيفة فى الخبر نفسه على السلطات واتهمتها بالعنصرية مشيرة الى ان الذين قتلوا وجرحوا كانوا من الموريتانيين السود.
وكانت قوات الأمن اطلقت النار على متظاهرين خرجوا إلى الشارع بعد إعلان نتائج الانتخابات فى 26 كانون الثاني(يناير) الماضي.
وأعلنت الحكومة آنذاك ان المتظاهرين حاصروا الجنود الذين اضطروا الى استخدام قنابل غاز، فى حين أكد بيان لوزارة الداخلية ان”شخصين توفيا اختناقا بالغاز” لكن البيان نفسه أشار الى أن هذين الشخصين “نقلا الى المستشفى وماتا متأثرين بجروحهما”.
وردت المعارضة مؤكدة أن الجنود قتلوا خمسة أشخاص بالرصاص ويبدو أكيدا أن ثلاثة على الأقل قتلوا فى هذا الحادث.
اختلاس
الى ذالك تواجه “لوفي أيدو” دعوى أقامها ضدها بابوكار بابا أحد اعضاء البرلمان لنشر الصحيفة خبرا يقول إنه على رغم أن بابوكار بابا نائب عن الحزب الحاكم لم يمنع ذالك إثارة مسألة أختلاس برئ منها سابقا وكتبت الصحيفة :” لسوء حظ بعض نوابنا، فان البرلمان والحزب الحاكم لم يؤمنا لهم الحصانة فى إشارة الى الأصل الزنجي لهذا النائب.
وأقام بابوكار بابا الدعوى ضد الصحيفة نافيا أن تكون المحكمة العليا حركت القضية مجددا. لكن الصحيفة أفادت فى مقال لاحق أنها تملك أدلة وحذرت من أنها قد تطرحها أمام الرأي العام خلال المحاكمة غير المعلنة حتى الآن.
واذا أدين مدير”لوفي أبدو” فى قضية ولد الطايع سيواجه عقوبة السجن ستة أشهر ويغرم بدفع 400 ألف أوقية موريتانية. أما العقوبة فى القضية الثانية فحدها الأقصى سنة ودفع غرامة قدرها مليون أوقية (نحو 13000 دولار)، بالاضافة الى ما يطالب به أصحاب الدعوى من تعويضات.
وستكون هذه أول محاكمة لصحافي فى موريتانيا منذ اعلنت حرية الصحافة فى هذا البلد قبل سنة. ومن شأن المحاكمة أن تحد من اندفاع اصحاب الصحف الذين يستخدمون حرية الصحافة من دون التحقق من المصادر احيانا، وهذا مايميز ما تنشره المطبوعات الموريتانية اليوم التى يبدو انها تحاول تعويض سنوات طويلة من الكبت فى فترة قياسية.
وتجاوز عدد المطبوعات المستقلة فى موريتانيا العشرين خلال فترة لم تتعد ستة أشهر. ويغلب على معظم الصحف أسلوب المنشورات السرية التى كانت الحركات السياسية توزعها قبل تشريع العمل الحزبي فى البلاد. وربما كان مرد ذالك الى تعطش القارئ الموريتاني لنقد السلطة التى ظل يخافها طوال الثلاثين سنة الماضية.
وبعض هذه المطبوعات موال لجماعات المعارضة التى لم تتعود بعد على الممارسة الديموقراطية فى نطاق القانون. ولعل الأهم ان معظم العاملين فى المطبوعات الموريتانية الجديدة لا يملك خبرة صحافية. فالصحافة الجديدة فى موريتانيا، مع استثناءات محدودة جدا، جاءت بمبادرات أشخاص لا صلة لهم بالمهنة ولم يعتمدوا على مهنيين عموما.
والمفارقة أن معظم الصحافيين المهنيين لم يساهم فى تحرير الصحافة ولم يستفد من الحرية المتاحة لها، بسبب استيعاب وسائل الإعلام الرسمية لهؤلاء.
جريدة الحياة اللندنية بتاريخ31/05/1992
98 تعليقات