موريتانيا: المعارضة تطالب باقالة الحكومة وتلوح بمقاطعة الانتخابات
نواكشوط – من الشيخ بكاي– فيما دعت المحكمة العليا الموريتانية أمس المرشحين لرئاسة الجمهورية فى الانتخابات المقررة فى كانون الثاني(يناير) المقبل الى تقديم ملفات ترشيحهم، نظمت خمسة احزاب معارضة أول مهرجان مشترك لها جددت فيه رفضها مواعيد الانتخابات وعاودت المطالبة بإقالة الحكومة الحالية.
وقالت المحكمة العليا فى بيان نشرته أمس أنها ستستمر فى استقبال الترشيحات حتى منتصف اليوم الـ 45 قبل الانتخابات.
وأثار تحديد السلطات فى وقت سابق من الشهر الجاري 26 من كانون الثاني موعدا للانتخابات الرئاسية والسادس من آذار (مارس) موعدا للانتخابات الاشتراعية، موجة احتجاج فى أوساط المعارضة التى اعتبرت المواعيد محاولة لإرباكها.
واستطاع تجمع المعارضة الرئيس المعروف باتحاد القوى الديموقراطية إقناع أحزاب أخرى بإصدار وثيقة مشتركة ترفض القرار وتحمل جملة من المطالب.
ولعل المهم فى تنسيق جهود الاحزاب عقدها مهرجانا مشتركا فى العاصمة نواكشوط أمس تجاوز عدد المشتركين فيه عشرة آلاف شخص.
وخلال المهرجان جددت خمسة احزاب هي اتحاد القوى الديموقراطية، حزب العدالة، الاتحاد الشعبي الاشتراكي الديموقراطي، وحزب التجديد، وحزب الوسط الديموقراطي، رفضها القاطع مواعيد الانتخابات كما حددتها السلطات.
وقالت الاحزاب مجددا إن حل كل الهيئات القائمة بما فيها الحكومة مطلب لا يمكن التخلى عنه.
ولوحظ فى اللحظة الأخيرة تخلف حزب التحالف الشعبي التقدمي، وهو تشكيلة ناصرية، عن المهرجان بعد انضمامه الى جبهة الاحزاب المطالبة بالحكومة الانتقالية وتأخير موعد الانتخابات.
وقال الرئيس المؤقت للتحالف الشعبي الطالب ولد جدو لـ”الحياة” أمس ان سبب الامتناع عن حضور المهرجان كان دعوة اتحاد القوى الديموقراطية الى تنظيم مسيرة احتجاجية بعده.
وقال:”نحن ضد العنف ونعتقد ان موريتانيا لا تتحمل أي قدر من القلاقل”.
وشكك فى إمكانية تنسيق حقيقي مع جبهة الاحزاب المناوئة للنظام خصوصا اتحاد القوى الديموقراطية.
ويعتبر اتحاد القوى الديموقراطية أهم الاحزاب بعد حزب السلطة المعروف بالحزب الجمهوري الديموقراطي ، ويضم الحزب المعارض، اضافة الى الموريتانيين السود والماركسيين، معظم القوى السياسية والقبلية التى تضررت من فترة حكم العقيد معاوية ولد سيد احمد الطايع.
وقال احمد ولد منيه وهو عضو بارز فى اتحاد القوى الديموقراطية ان الحزب يحتفظ لنفسه بحق القيام بما يراه مناسبا للرد على السلطات إذا واصلت تصميمها على اجراء الانتخابات فى التواريخ التى حددتها.
وقال:”إن المقاطعة سلاح يمكن اللجوء اليه فى الوقت المناسب”، الا انه ذكر ان الحزب لم يتخذ بعد القرار النهائي.
ويعتقد مراقبون ان التلويح بالمقاطعة لم يعد أمرا يزعج السلطات اذ تبدو فى الأفق بوادر تشكيل جبهة احزاب قريبة من تصورات السلطة.
ويرجح ان تضم الجبهة الجديدة حزب الطليعة الوطنية الذى يضم بعض كوادر البعث الذين سمح لهم أخيرا بالتميز عن الحزب الجمهوري الديموقراطي المؤسس بمبادرة من رئيس الدولة، اضافة الى حزب الاتحاد من اجل الديموقراطية والوحدة الذى يقوده الوزير السابق احمد ولد سيدي بابا. وهو من اقارب رئيس الدولة. ويعتبر من انضج الشخصيات السياسية فى البلد، واكثرها حدة فى توجيه النقد للنظام على رغم قبوله مواصلة المسار كما حددته السلطات، واعلن صراحة انه لن يتقدم للانتخابات الرئاسية ضد العقيد ولد الطايع.
وهناك حزب جديد يطلق عليه التخطيط من اجل البناء ويقوده مدرس غير معروف على الخريطة السياسية ويبدو قريبا من طروحات السلطة. والتشكيلة الرابعة فى الجبهة المرتقبة هي حزب التحالف الشعبي التقدمي.
وباستثناء حزب الطليعة والتحالف الشعبي تنفى الاحزاب الاخرى وجود أي تنسيق حتى الآن.
ويستفاد من مصادر قريبة من حزب التحالف الشعبي ان هيئة سياسية شكلت من هذا الحزب وحزب الطليعة من اجل تنسيق المواقف.
وقال مصدر فى التحالف الشعبي لــ”الحياة”: ” إننا نرغب فى خط ثالث غير خطي الحزب الجمهوري وحزب اتحاد القوى الديموقراطية”.
وأشار هذا المصدر الى ان رئيس حزب التخطيط من أجل البناء” أعرب عن استعداده للتعاون معنا “.
وسواء تم اعلان هذه الجبهة بالتنسيق مع حزب السلطة او فى شكل مستقل او حتى من دون اعلانها فإن الخريطة السياسية بدأت ترتسم على محورين، أحدهما بقيادة اتحاد القوى الديموقراطية الذى يرفض الإنتقال الى الديموقراطية انطلاقا من تصورات السلطة، وآخر يتبنى الأمر الواقع ويلتقى بالتالى مع الحزب الجمهوري الديموقراطي .
الحياة اللندنية بتاريخ:25/11/1991