تجار الرمل يعرضون نواكشوط لغزو المحيط
نواكشوط- الشيخ بكاي- أخيرا ادركت السلطات الموريتانية خطورة استمرار رجال الأعمال فى المتاجرة برمال الكثيب الذى يحمى العاصمة الموريتانية من ابتلاع المحيط الأطلسي لها بعدما أحدث تجار الرمل ثقبا بدأت المياه تتسرب منه فى اتجاه المدينة.
وقال مدير الأشغال العامة الموريتاني الشيخ ولد احمد ل”الحياة”امس إنه”تم ايجاد مقلع بديل على بعد تسعة كيلوميترات شمال نواكشوط ومنع استغلال كثبان الشاطئ”.
واوضح ان هذا الحل سيكون”مؤقتا فى انتظار اجراء دراسات للتربة لتحديد مقالع ذات جودة فنية تلائم أعمال البناء”.
وتستعمل الرمال البيضاء والذهبية فى صنع الخرسانة المسلحة وطلاء المباني.
وشهدت السنوات الأخيرة حركة عمرانية كبيرة جعلت من الرمل تجارة رابحة مارسها كثيرون.
ومع ان الرمال تكاد تكون التجارة الوحيدة التى لا توجد فيها ازمة ولا يتوقع على المدى البعيد حدوثها لأن معظم المدن الموريتانية،ومنها نواكشوط مهددة بزحف الرمال،فإن تجار الحصى تكالبوا على الكثيب الصغير الذى يمنع نحو 600 الف شخص يسكنون العاصمة من أن يصبحوا فى يوم غداء لأسماك المحيط، دافنين معهم أهم ما أنجزه البلد منذ استقلاله قبل 32 عاما من منشئات مالية واقتصادية وهياكل سياسية وادارية.
وحذرت وسائل الإعلام الرسمية فى منتصف الثمانينات من الإستمرار فى تعرية المدينة أمام بحر هائج.
وتجاهلت الجهات المعنية الأمر لأسباب ربما كان منها الشعور بأن الرياح التى تنقل حبات الرمل الى الشاطئ تفوق فى السرعة من يحولون الرمال الى أبنية ودورفى “طيب الذكر”: حي”تفرغ زينة” الذي أقامه فى سنوات الإنفتاح و القروض و رخص الصيد كبار الموظفين والضباط والسماسرة ورجال الأعمال ومن هم على شاكلتهم…
وانتصر الانسان الذى يبنى الدور على الطبيعة التى تبنى للمدينة خط دفاع يحميها من غزو الأمواج.
وقال مدير الأشغال العامة فى وزارة التجهيز الموريتانية لـ”الحياة”:”لقد حصلت ثغرة فى الكثيب الرملي شمال فندق الأحمدي(على الشاطئ) وقد أغلقت”، ويبلغ عرض الثغرة 70 مترا طبقا لما نشرته جريدة”الشعب” الحكومية.
ونسبت الجريدة الى مسؤول حكومي قوله انه لم يتحدد بعد من هي الجهة الرسمية المسؤولة .
وفى انتظار “تحديد الجهة المسؤولة (….) على المواطنين الإنصياع للتعليمات والتعاون لرفع الخطر الذى اصبح يهدد العاصمة”.
وكان تحديد الجهة المسؤولة عن الموضوع معضلة واجهتها وسائل الإعلام المحلية بما فيها الحكومية فى إطار حملة تعبئة بعد اكتشاف الثغرة قبل أسابيع.
وهناك قطاعات معنية عدة هي وزارة التجهيز ووزارة الصناعة والمعادن ووزارة الصيد وبلدية نواكشوط.
وتتهرب هذه الجهات من السؤولية الكاملة فى صورة منطقية: بلدية نواكشوط معنية بالجانب الضريبي وبالشؤون اليومية للمدينة فقط. ووزارة التجهيز معنية بنوعية التربة وامواصفات الفنية لعمليات البناء. ووزارة الصيد معنية بالثروات البحرية فقط. ووزارة الصناعة والمعادن معنية بالمقالع فقط إذ هي ملحقة بالثروات المنجمية.
وعلى أية حال هناك ادراك الآن لخطورة الوضع إذ يخشى تكرار ما حدث قبل عامين، عندما اندفعت مياه البحر الى اليابسة إثر تشييد ميناء نواكشوط المعروف ب”ميناء الصداقة”.
وعلل مدير الأشغال العمومية فى حديثه مع “الحياة”الحادث بأن ” البحر يستعيد ما أخذ منه…
وقد اندفعت الرمال الى البحر شمال الميناء فاستعاد المساحة المنتزعة جنوبه”.
وقد تصرف الصينيون الذين بنوا “ميناء الصداقة” الذى يعيد اليه بعضهم التسبب فى الحادث بسرعة فأقاموا سدا واقيا.
جريدة الحياة اللندنية
العدد:10821 بتاريخ 25/09/1992