“امبراطوريات” اقتصادية وسياسية تدور في فلكها “مافيا” المشعوذين.. “المشيخات الصوفية” في السنغال تحمي النظام العلماني من الأصوليين
طوبى -كولخ (السنغال) – من الشيخ بكاي – (أرشيف) – تغرق في بحر من الغرابة والتناقضات وأنت تحاول فك رموز “الصوفية” في السنغال. تحس بأن العالم الافريقي القديم بسحره وطقوسه الدينية والاجتماعية يتعايش في انسجام كامل مع تراث المتصوفة. وتلمس الثقافة العربية نائمة تحت ركام من ثقافات الغرب والثقافات المحلية المتأصلة. تشاهد امبراطوريات اقتصادية وسياسية “صوفية” واسعة النفوذ، تدور في فلكها “مافيا” المشعوذين والسحرة في ثياب الدراويش. وتكتشف صراعاً ينمو باطراد – على خلفية أزمة اقتصادية خانقة وغليان شعبي مكبوت – بين سلفيين من خريجي المعاهد الاسلامية الحديثة ومتأثرين بالحركة الاصولية العالمية و”خلفاء” ما زالت قبضتهم من حديد.
تخرج بهذه الانطباعات في عالم “الصوفية السنغالية” التي تشكل رأس جسر متقدم للثقافة العربية في القارة السوداء. واذا كنت غريباً مثلي لن يكون دخولك سهلاً فمعظم “زعماء الطوائف” يحيطون انفسهم بهالة كبيرة من العظمة، ويقف على ابوابهم الحجاب والكتاب الخاصون. ولبعضهم جيش من الحراس يشبه في خشونته حرس كبار الديكتاتوريين. وهم متحفظون، ولا “يثقون” بالصحافة. وفوق هذا هم فرق متعددة مختلفة، وطبقات وفئات. كما ان معظم مقرات “خلافتهم” يوجد في مناطق جغرافية نائية.
اللايين
قال متحدثي على الطرف الآخر للهاتف: “اصبر قليلاً فأنا لم استطع ايقاظ الخليفة”. ورغبت في ان اقول له انه يكرر منذ ستة ايام الجواب نفسه بصيغ مختلفة. فهو تارة يقول ان “الخليفة” نائم واخرى يتعبد، او يستقبل ضيوفاً كباراً، او يلقي “فوائد” على مسمع الاتباع. ولكن ليس في اليد الا “الصبر” فقد نصحت بأن افضل وسيلة هي المرور عبر هذا “الوسيط” الذي هو مسؤول في احدى الوزارات السنغالية وينتمي الى طائفة “اللايين” التي أريد مقابلة زغيمها قبل مغادرة داكار الى عواصم الطوائف الاخرى في الداخل.
ويخرجني السائق السنغالي – الذي يعلق في سيارته صور كل شيوخ الطرق لتنزل عليه “البركة” – من حالة الانتظار، مقترحاً ان يوصلني الى مقر “الخلافة” لأحاول من هناك.
عند مدخل المقر طلبت من الكاتب الخاص للخليفة “هس لاي” حسن الله ان يبلغه بوجود صحافي عربي “يريد البركة ومقابلته”. وأقف في انتظار الرد مستحضراً بعض المعلومات التي حصلت عليها عن الطائفة التي ليست من اهم الطوائف لكنها اغربها.
يشتق اسم طائفة “اللايين” من اسم الجلالة “الله” لاي، باللهجة المحلية اي بلغة عربية منحوتة من اللهجة “الولفية”: الـ “الله” – يون. ولا يطلق اعضاء الطائفة على انفسهم اسماء آبائهم، فبعد الاسم الشخصي يأتي “لاي” الله، لكنهم لا يقولون انهم ابناء الله.
ويعتقد “اللايين” بأن امامهم لم يمت بل بقي في الخلافة ثمانية اعوام وترك خمسة اولاد ثم استتر في مكان ما. ويقولون ان النبوة لا تنقطع، وان روح النبي تحل في روح امام الطائفة الذي “خصه الله بالنبوءة” لكنهم مع هذا يعتقدون بأن القرآن هو رسالتهم.
ويعتبر مؤرخون للصوفية السنغالية ان “طريقة” اللايين” نوع من التلفيقية الصارخة تجمع بين الوثنية الافريقية وبعض القصص الواردة في القرآن ، و في تراث الاسلام محرفة او خارجة عن سياقها ولا يميز “اللايين” بين الاسلام وثقافتهم الخاصة، وهم منغلقون عرقياً ما جعل انصار الطريقة لا يتجاوز بضع عشرات من الآلاف من قبيلة “الليبو”.
ولا يؤدي “اللايين” فريضة الحج الى بيت الله الحرام، كما يشرعون الاختلاط في حلقات “الذكر” “الراقصة” ويعتبرون التعفف في شهر رمضان مسألة اختيارية.
والتعايش بين القديم الافريقي والاسلام يلاحظ لدى كل الطوائف لا طائفة “اللايين” وحدها. وهو يظهر اساساً خلال الاعياد الاسلامية الكبيرة، وحلقات الذكر، والمناسبات الاجتماعية و”الانسانية” كالميلاد والزواج والوفاة. فقد احتفظ الافارقة بقدر من طقوسهم الماضية وواصلوا الاحتفال بها “مندسة” في الدين الجديد. ويذ كر باحثون بعضها مثل قبيلة “المالينكي” السنغالية التي يجمع نساؤها خلال ليلة اليوم الاول من العام الهجري الماء الذي سيشرب في اليوم التالي لانه في هذه الليلة “تتجدد دورة الكواكب والطبيعة كلها”.
“إخلع نعليك…”
عاد الكاتب الخاص لـ “روح الله” بعد نحو نصف ساعة وأبلغني ان “الخليفة” تكرم باستقبالي. فدخلت الدائرة التي عجت بالاتباع المطأطئي الرؤوس الشاخصين في اتجاه شيخ يبدو وقوراً، وكانوا يمدون ايديهم بالدعاء. وعلى بعد ستمائة متر من “الخليفة” الجالس على كرسي طويل رافعاً رأسه الى السماء سمعت لغطاً ورأيت الكل يشير الى قدمي. ففهمت ان علي ان اخلع نعلي … ودار حوار مقتضب: “هل تتحدث العربية؟ وأجاب الشيخ بالفرنسية: “لا اتحدث الا بلغتي الأم”. وليس في الامر مفاجأة فطائفة “اللايين” هي الطائفة السنغالية الوحيدة التي تتم “اذكارها” باللهجة “الولفية” لا العربية. وعلى رغم انه يفهم الفرنسية كان لا بد من البحث عن مترجم لما يقوله بالولفية. ولم يطل اللقاء، فقال “الخليفة” انه لا يحب الصحافة ولا يدلي بأحاديث. وامام اصرار “الوسط” قال ما معناه انه كان كريماً بقبول الزيارة. وكان النظر الى وجوه “حوارييه” يكفي لفهم ان من الافضل الانسحاب في هدوء من دون مشاكل.
ودعت خليفة “اللايين” محبطاً، فقد كان هناك الكثير من الاسئلة. وفكرت في معاودة “الوسيط” ولكن كان علي ان اغادر داكار فما زال امامي الاهم.
شيوخ الفستق و… “الكاديلاك”
قال زميلي السنغالي يورو ونحن في الطريق الى “طوبا” عاصمة طائفة “المريدية”: “جربت كل الطرق، بدأت باللايين الذين غادرتهم بعدما ايقنت أن لا نبي بعد محمد. ومررت بالتجانية وتركتها لأن هناك من اقنعني بانها بدعة. وجذبني بعض اصدقائي الى المريدية التي ما زلت انتسب اليها”.
واعترف يورو بأن انتسابه الى “المريدية” كان “في فترة أزمة” فقد طرد من عمله ولم يعد لديه ما يقتات به، و”في منظمات المريدية يستطيع المرء ان يأكل ويجد المأوى”. وأضاف: “مع المريديين تعلمت الصبر ونكران الذات”. لكنه لم يخف امتعاضه من “استغلال الشيوخ لأتباعهم في الزراعة وجمع المال”. وتابع في همس: “انا في الحقيقة لا اعتقد بأن هؤلاء الشيوخ يستطيعون جلب الجنة او دفع النار، لكن وجودهم في هذا البلد ضرورة، فمن لا ينتمي الى طائفة يشعر بالضياع”.
ويتواصل الحديث عن مختلف الطرق الصوفية التي تسيطر سياسياً وروحياً واقتصادياً في بلد يشكل مسلموه 95 في المئة من عدد السكان. ولم يوافق زميلي على كل المآخذ التي توجه الى “المتصوفة”. لكنه وافق على ان التدين في السنغال “قام على مفهوم الزعيم الروحي المطلق الذي تنفذ اوامره من دون تفكير” والذي هو في نظر اتباعه شخص خارج المألوف.
وقبل يورو بأن “في هذه الظاهرة نوعاً من نقل النظام القبلي القديم الذي كان فيه زعيم القبيلة الامر الناهي المطلق الصلاحيات”. ورأى ان الزعماء الروحيين بدأوا يضيفون القوة الاقتصادية الى السيطرة الروحية. بل ان “معظمهم سخر المكانة الروحية للاهداف المالية والاقتصادية…”.
ومنذ الستينات نمت اجيال من الشيوخ سماها بعضهم “شيوخ الكاديلاك” وشيوخ “الفستق” يهتمون اساساً بمزارعهم وحساباتهم المصرفية، وأملاكهم التي “حصلوها على اكتاف اتباع راضخين رضوخاً أعمى…”.
وتعتبر طائفة “المريدية” من اقوى الطوائف اقتصادياً واكثرها استغلالاً للاتباع في العمل، خصوصاً في الأرض.
والفستق هو في الدرجة الاولى القاعدة الاقتصادية الاساسية لـ “المريدية”، ويعتبر شيوخ هذه الطريقة – من الخليفة العام وحتى أصغر “مارابو” في الريف – منتجي فستق. الا ان اعضاء في الطائفة تحولوا الى الصناعة والاستيراد والتصدير وتشجع الدولة السنغالية هذا التوجه. ويتحدث كثيرون عن ملايين الفرنكات من القروض التي تمنحها المصارف من دون امل بالسداد.
اضافة الى العائدات من زراعة الفستق هناك مصادر اخرى نقدية وعينية يقدمها الاتباع مثل الزكاة المفترض ان توجه الى المحتاجين، و”الاعطيات” التي تدفع سنوياً في مناسبة الزيارة الى السيد، ومساهمات استثنائية اخرى موجهة لبناء المساجد ومقابر الاعيان. وتبدو قوة الطائفة اقتصادياً ايضاً في المكانة التي يحتلها بعض اعضائها في تجارة نصف الجملة التي كان اللبنانيون يحتكرونها.
الرجل الاسطورة
تأسست “المريدية” سنة 1887 على يد امادو بنبا المناضل الذي قاوم الاستعمار الفرنسي بأسلوب يشبه اسلوب الماهاتما غاندي، ما عرضه للنفي الى الغابون ثم الى موريتانيا، واوجد حوله هالة من الاحترام.
وتعلم الرجل العلوم الاسلامية والعربية في موريتانيا وأخذ الطريقة القادرية في التصوف على يد شيخ موريتاني. لكنه حينما عاد الى بلاده اسس طريقته الخاصة باسم “المريدية” التي تعني ان اتباعها “يريدون وجه الله” ومثل معظم زعماء الطرق السنغاليين خرج امدو بنبا بدعوته وعمره 40 سنة.
ونسجت حول مؤسس “المريدية” في المخيلة الشعبية سلسلة من الاساطير روتها لـ “الوسط” “المريدة” كومبا. ومنها ان الفرسيين جمعوا زعماء الطوائف الاسلامية و”قدموا اليهم لحم الكلاب قائلين اذا كان ما يدعيه بنبا صحيحاً … وحينما قدمت اطباق اللحم تلا الشيخ اسماً فقامت الكلاب تنبح” ومن “كراماته ان البيض الفرنسيين وضعوه في مكان مليء بالسباع فجاءت صاغرة وبايعته”.
تقوم العلاقة بين الشيخ وتابعه على اساس الاستسلام الكامل. والمطلوب من “المريد الجديد” ان يمثل امام الشيخ ويصرح بالعبارة التي تلخص كل شيء: “جبلو” اي “اسلمت نفسي” وان “يكون مثل الميت في يد غاسله”. وتعني الـ “جلبو” الطاعة العمياء، وتتحول الى نوع من عبادة الفرد.
وتنظم الطائفة نفسها في شكل دقيق. ويأتي “الخليفة العام” المنحدر من آمدو بنبا على رأس الهرم، وهو الزعيم الروحي والدنيوي الذي يدير شؤون الطائفة ويمارس نفوذاً مطلقاً. وهو في نظر الاتباع “قديس هدفه الاوحد تحقيق ارادة المؤسس آمدو بنبا”. ثم يأتي كبار الشيوخ، وهم اما من احفاد الزعيم او من خلصائه.
ويملك كل “مارابو” (شيخ) ارضاً واسعة يزرعها الاتباع الذين يجدون في ثروة اسيادهم رمزاً لعظمة طائفتهم، وطريقاً الى دخول الجنة.
لا صلاة ولا دخان
قال يورو، ونحن نقترب من “طوبا”< “كن حذر فالتدخين ممنوع في المدينة”. وفهمت ان علي ترك السجائر في السيارة. وعند اول حاجز امرنا رجال الدرك بالنزول للفتيش، وكانت المرة الاولى التي تعرضنا فيها للتفتيش خلال الرحلة الطويلة من داكار.
امسك دركي بعلبة سجائر كانت بين مقعدين، واخرج رأسه بسرعة كمن عثر على امر خطير: “لمن هذه”؟ ورددت ببرود: “هي لي”! سحبني من ذراعي في خشونة: “تعال معي”. تراجعت الى الوراء: “ما الأمر؟. لماذا تعاملني هكذا؟” ورد الدركي غاضباً: “انت مهرب، مهرب سجائر”. وفي مكتب الدرك افهمتهم انني كنت اعرف فقط انه لا يسمح بالتدخين في المدينة. ولم اكن انوي ان ادخن، اما الاحتفاظ بسجائري فلم اكن اعرف انه مخالفة للقانون. وحكم المسؤول بمصادرة العلبة وتغريمي 600 فرنك افريقي عن كل سيجارة … ولحسن الحظ لم يكن في العلبة الا اربع او خمس سجائر.
غادرنا الحاجز في اتجاه المدينة التي لا تدخلها السجائر ولا المشروبات الروحية ولها قوانينها الخاصة، والسلطة الفعلية فيها لـ”خليفة” “المريدية” الشيخ ساليو امبكي. سألنا عن قريب للخليفة قيل لنا انه مثقف ثقافة عصرية ويستطيع الحديث الى الصحافيين فأجابونا انه ذهب الى داكار. توجهنا الى مقر “الخليفة العام” لـ “الزيارة” واصطياد اي معلومات.
يجاور المقر مسجد طوبا الكبير الذي يحج اليه نحو مليون من اتباع الطائفة لاحياء ذكرى نفي امدو بنبا في 18 صفر من كل عام. ويطلق على هذا الاحتفال السنوي اسم “المجال”. ويقضي الناس ثمانية ايام بلياليها في هرج ومرج. وتقام حلقات ذكر الراقصة”. وتتلى المدائح، وتذكر مآثر الشيخ المؤسس، وتقرأ القصائد االتي قيلت في مدحه.
عند مدخل القصر ساحة واسعة بعضها مظلل بالأخشاب على الطريقة الافريقية، يتجمع الناس فيها من كل الفئات والاعمار ينتظرون السماح لهم بمقابلة الخليفة للزيارة او عرض مشكلة. ومنهم من ينتظر فقط رؤيته. وهناك الضيوف وطلبة العلم.
وفي باحة القصر يواجه الزائر جيش “الباي فال”، حراس “الخليفة” ذوي الرؤوس الحليقة او الشعور المفتولة في خصائل تتدلى الى الامام والى الوراء. يذكرون في خشونتهم بحراس بعض ديكتاتوريي العالم الثالث المشهورين.
رد احد هؤلاء، بعدما رفض المصافحة، على طلب “الوسط” مقابلة الخليفة: “عد من حيث اتيت فنحن نقرأ ما تكتبه الصحف. وليس للخليفة وقت يضيعه”. وانقذ الموقف احد الكتاب الخاصين بالشيخ امبكي، ووعد بابلاغ الخليفة، لكنه شرح ان علينا الانتظار بعض الوقت حتى يتسنى ادراجنا ضمن جدول اللقاءات.
يتفق كثيرون على ان “الخليفة” الحالي لـ “المريدية” زاهد بخلاف الخليفة السابق “عبدو اللهات امبكي”، فهو اقل ميلاً الى الأبهة وجمع المال، واتصال الاتباع به اسهل، ولديه الرغبة في الحد من الفساد وتجاوزات المنظمات الملحقة بالخلافة خصوصاً منظمة الـ”باي فال” التي تتولى شؤون الامن ضمن امور اخرى كثيرة. وهذه المنظمة واحدة من ثلاث تعمد عليها “المريدية” في الكثير من الامور. ويمتاز الـ”باي فال” عن غيرهم بالجهل الكامل للاسلام والعدوانية.
وأنشئت المنظمة على يد الشيخ “إبرا فال” المرافق الشخصي لمؤسس الطائفة آمدو بنبا. ويمتنع “الباي فال” عن الصلاة والصوم، ويبيحون لأنفسهم كل المحرمات قائلين ان “خدمة الشيخ تكفي لدخول الجنة”. ويضيفون ان آمدو بنبا “اعفى تلميذه المخلص ابرافال” من الصلاة والصوم ليتفرغ للعمل وضمن له الجنة.
لكن بعض اتباع الطائفة قال لـ”الوسط” ان الواقع هو ان ابرا فال “اصيب بالجذب حتى الجنون الى درجة انه ارغم المواشي وبعض الحيوانات البرية المتوحشة على عدم تناول الطعام. وأفتى الشيخ له بعدم الصلاة والصوم لأن عقله لم يكن حاضراً”. وتجد “المريدية” في “الباي فال” اخلص الجنود واكثرهم اندفاعاً في العمل. ويجذب “الباي فال” اوساط الشبان العاطلين، والذين لديهم مشاكل نفسية، ويلجأ اليهم المجرمون هرباً من القانون. ويعمل الجميع في حقول اسيادهم في شكل منتظم، ويؤدون الكثير من الخدمات الاخرى وهم درجات منهم التلميذ ومنهم الشيخ …
وتأكل معسكرات الـ”باي فال” من فضلات الموائد عبر طريقة “انجخص” وتتمثل في ان يأخذ فريق اقداحاً ويدور على المنازل ولا يتحدث الا بذكر الله. وتقدم كل أسرة ما لديها من الطعام حتى تمتلئ الاقداح. ويعود الفريق الى المعسكر ليأكل الكل. ويقول “المريدية” ان هذا الخليط من الطعام يشفي من الامراض المستعصية.
ويترقى اتباع “المريدية” الى رتب اعلى بعد الخدمة الطويلة للشيخ، وتحصيل حد أدنى من العلم يؤهلهم للوصول الى درجة “المارابو”، والغالبية تبقى من فئة “المريد” العادي. لكن المريد عليه ليتحرر من ملازمة شيخه ان “يذبح بقرتين” لمناسبة “تخليد ذكرى وفاة شيخه”. والعملية “مربحة”، ففي كل عام يتخرج الكثيرون من مدرسة هذا “المارابو” او ذاك وعلى كل تلميذ ان يدور على المنازل والمارة وفي يده قدح صغير ترمى فيه القطعة النقدية والقطعتان. وحينما يحصل التلميذ على “ثمن بقرتين” يدفعه لسيده ويتحرر من “الملازمة”.
عاصمة “الفيضة”
تبدو الطريقة التجاذبية اكثر انفتاحاً وأقل شذوذاً وهي على رغم التراجع الذي شهدته بعد ظهور الشيخ امدو بنبا ما زالت الطريقة التي تنظم حياة معظم مسلمي السنغال، الا انها منقسمة طوائف متعددة متنافسة. وهي بذلك تفتقر الى الوحدة والتنظيم والديناميكية الموجودة لدى “المريدية”. كما انها لا تحظى بالمكانة الاقتصادية الكبيرة التي جعلت “المريدية” متحكمة بشؤون البلد، وان كانت حاضرة اقتصادياً. ولهذه الطريقة نفوذ روحي واسع يتجاوز السنغال. ويتوزع الشارع التجاني في “بيتين” رئيسيين هما البيت “الكولخي” والبيت “التواوني”. وهناك جماعات صغيرة متفرقة.
وقال الخليفة التجاني لفرع كولخ الشيخ عبدالله نياس لـ”الوسط” ان “البيتين تجانيان متمسكان بالمنبع ومتصلان به”. الا ان التنافس على اشده. ويعتبر التواونيون انهم اهل “الخلافة العامة” على التجانية. في حين يعتبر الكولخيون ان مصطلح “الخليفة العام” غير موجود في الطريقة و”هو مصطلح وضعه الفرنسيون” كما قال احدهم لـ”الوسط” ولمح الشيخ نياس الى ان جده اتى بالاذن من الشيخ السكيري أحد الوجوه التجانية البارزة في تاريخ المغرب لمؤسس الفرع “التواوني”.
وشهد الفرع الكولخي اهتماماً متزايداً بظهور خليفته السابق الشيخ ابراهيما نياس الذي توفى عام 1975. فقد اعطاه الصبغة الوطنية بعدما ارتبطت التجانية السنغالية في الاذهان بالوقوف الى جانب المستعمر الفرنسي. وتحولت مدينة كولخ في عهده الى عاصمة يفد اليها الاتباع من داخل البلاد وخارجها.
وتنشط هذه الجماعة في شكل لافت في صفوف الاميركيين السود. وتوثقت صلات التجانية السنغالية بالعرب. وربط ابراهيما نياس علاقات بالكثير من زعماء العالم العربي من بينهم عبد الناصر. وبرز في منظمة المؤتمر الاسلامي شخصية اسلامية مرموقة.
وقال الخليفة الحالي لـ”الوسط” ان “حب العرب واللغة العربية واجب على كل مسلم”. ولا يشعر العربي بالغربة وهو يزور مقرات الشيوخ التجانيين فاللغة العربية هي لغة الحديث. ومع ان ابراهيما نياس افاد التجانية فانه احدث ما يعرف عندهم بـ”الفيضة” التي يوجه اليها الكثير من المسلمين النقد ولا يقرها العلماء وتسمى “الوصول” او “الفتح”. وهي تتميز بالشطحات والتفوه بالكلام “القبيح” المنبوذ شرعاً.
ويبرر “النياسيون” هذه الظاهرة بالقول ان صاحبها “في غيبوبة”. والرائج عن “الفيضة” انها تحدث اثناء حلقات الذكر التي تضم الرجال والنساء. وحينما يشتد “الرقص” و”الهيللة” و”تذهب العقول” يكون كل شيء ممكن الحدوث. ويتحدث اعداء التجانية الكولخية عن “أطفال النور”.
وتحدث “الخليفة” الكولخي عبدالله نياس الى “الوسط” عن الفيضة: “لقد بشر مولانا الشيخ التجاني (مغربي من اصل جزائري) بحدوث فيضة. ووصف الظروف التي تحدث فيها ومواصفات من تأتي على يده، وهو مولانا الشيخ ابراهيما نياس”.
تيواون تنظر الى طوبا
“لبيك”، “لبيك سيدي” … كلمات ترددت كثيراً ونحن في مقر الشيخ عبدالعزيز سي “الخليفة” التجاني لفرع “تيواون” البالغ من العمر 91 سنة والممدد في فراشه يعاني المرض منذ شهور. كان العجوز ينادي كتابه الخاصين ويوزع التعليمات، ويوافق على استقبال هذا الزائر او ذاك او يرفضه. المقر مزدحم بالزائرين من بينهم وزراء يرددون خلف الشيخ ادعية هي عبارة عن مزيج من العربية واللهجة الولفية. وهذه امرأة تحمل طفلاً انحنت به الى الشيخ الذي مسح بيده على رأسه وانصرفت في الحال. وذاك رجل يمد يده ليتحفه الشيخ بريق فمه.
وأمام المقر يتدافع الناس طمعاً بزيارة يجعلها الحراس والمقربون صعبة او مستحيلة. في تيواون عاصمة فرع الحاج مالك سي وهو الفرع الاكثر انتشاراً في المدن، يعتبرون انهم الناطقون باسم التجانية. ويطلقون على زعيمهم لقب “الخليفة العام للطريقة التجانية”. ويميل هذا الفرع الى تقليد “المريدية” في التنظيم، والانصياع لزعيم واحد، والاهتمام بالسيطرة الاقتصادية. على رغم انه شهد انقساماً تمثل في خروج جماعة الشيخ التجاني سي الى المعارضة. في حين يدعم الرئيس عبدو ضيوف الزعيم الروحي للجماعة عبدالعزيز سي. وينظم فرع تيواون سنوياً احتفالات لمناسبة المولد النبوي يحضرها نحو مليون من الاتباع، وترسل اليه الحكومة ممثلين عنها. وتعتبر جماعة تيواون منغلقة على نفسها مقارنة بجماعة كولخ.
الشيطان في رماد القطن
مدينة غوناص “جمهورية اسلامية” صغيرة داخل بلد تحكمه العلمانية تأسست عام 1936 في الريف بعيداً عن قوانين الدولة السنغالية، وضرب عليها مؤسسها ممادو صيدو با العزلة عن باقي اجزاء البلاد، لتبقى مدينة فاضلة.
وبدأت جماعة “غوناص” فئة تجانية صغيرة قالت انها تريد اسلاماً نقياً من “الشوائب” التي لحقت به في البلدان الافريقية”. وازداد انصار الطائفة من قبيلة البولار التي تسكن الارياف، التي هي في الاصل وثنية. وظلت مدينة غوناص على مدى 40 سنة، اي حتى 1977 “جمهورية معزولة” عن باقي البلاد تطبق احكام الشريعة الاسلامية بطريقتها الخاصة: الصلوات الزامية، والمراقص وما شابهها ممنوعة. ولعل الخاصية الاهم كانت منع اختلاط الجنسين. فقد كان على النساء اذا أردن الخروج ان يتحجبن. وكان شرب الخمبر يعاقب بمئة جلدة والابعاد عن المجموعة. وساوت هذه “الجمهورية” بين الزانية والسارق في عقوبة “خاصة” هي 50 جلدة. ولم تكن هناك عقوبة القصاص في جرائم الدم.
وعملت غوناص جاهدة على “النجاة من سيل البدع الذي يجرف السنغال” كما يقول اتباعها، وحدت من العلاقات مع الدولة السنغالية العلمانية. ولم تتجاوز هذه العلاقات تسويق الفستق ودفع الضرائب. ولم يكن في البلدة لا مدرسة ولا مكتب بريد او شرطة. بمعني ان الدولة لم يكن لها اي تمثيل اداري. ولم تكن المدينة تدعو مسؤولي الحكومة الى حضور احتفال “دكعا” يقابل “مجال” طوبا و”ومولد” تيواون. وهو عبارة عن عشرة أيام في الخلاء تستمر فيها الصلوات، وشرح القرآن، ويحضرها الرجال من دون النساء.
وقادت محاربة “حضارة الغرب” الى اعمال عنف سببها احتجاج السكان على افتتاح فرع لمصرف في المنطقة، واحرقوا فندقاً لمنع اجتذاب السياح الغربيين.
وعاشت الطائفة قبل 1977 متضامنة متكافلة تنفذ نشاطها الزراعي في شكل جماعي. ويتولي زعيمها “صيدو با” الذي لم ينغمس مثل الآخرين في شؤون المال تسويق الفستق.
العام 1977 كان نقطة تحول خطرة. فقد نشبت احداث عنف عرقية بين التكارير وجماعات “الفلان” الوثنية السابقة ادت الى تدخل الدرك لمدة شهور. ثم افتتح مركز دائم. وبدا ان الانصهار داخل الطائفة لم يقتل مشاعر الاحتقار التي كان التكارير يكنونها للفلان البدو حديثي العهد بالاسلام.
وقال مؤرخ للطوائف السنغالية لـ”الوسط” ان اسباب الانفجار كانت منع زعيم الطائفة التكروري زراعة القطن التي كانت نشاطاً رئيسياً للفلان. وجاء هذا المنع في اطار محاصرة وجود الشركات والمصارف في المنطقة. وعلى اثر تحريم الزعيم زراعة القطن انشق الكثيرون من الفلان وانسحبوا بأسلحتهم الى قرى مجاورة لا تخضع لـ “السلطنة” وفقدت غوناص استقلاليتها بوصول الدرك والمراقص والمدرسة والتبغ. وأصبحت بلدة سنغالية مثل الاخريات، لكن الطائفة ما زالت تمارس نشاطها مثل الطوائف الصغيرة الاخرى.
من ديغول الى “خميني” كولخ
يزخر المسجد التابع لجامعة داكار بالشبان الناقمين على من يصفونهم بـ”المتاجرين بالدين، الغارقين في البدع”. وقال طبيب يعمل في الجامعة لـ”الوسط”: “هؤلاء الشبان هم وحدهم من يتبعون الاسلام المنقى من الشوائب”. واضاف الطبيب الذي يدل اسمه على انه ينتمي الى احدى الاسر العريقة في الاسلام “الصوفي” لكنه لا يريد كشف اسمه “لأسباب تتعلق بالعمل”: “للحركات الاسلامية التي يصفوفنها بالاصولية وجود قوي في الجامعة، لكنها جماعات من الشباب تحتاج الى مؤطرين مجربين”.
واعرب عن اعتقاده بأن “المستقبل هو لهذه الجماعات، فالناس ملت اساليب الاستغلال والتدجيل التي ينتهجها شيوخ الطرق”. وأوضح: “انا لا انتمي الى اي من هذه الحركات، لكنني اعتقد بأن اكثرها صدقاً جماعة عباد الرحمن، فهي تقرن القول بالالتزام الاخلاقي”.
وجماعة “عباد الرحمن هي احدى الجماعات الاصولية الصغيرة الموجودة في السنغال. ووجودها الاهم في مدينة تييس شرقي داكار. وهي تحمل لواء مكافحة “الصوفية السنغالية” التي تعتبرها تحريفاً للإسلام و”تدجيلاً”.
ومع ان الحركة صغيرة الا انها ناشطة ولها سمعة طيبة. وهي مثل غيرها من الحركات الاصولية ربما شكلت امل شباب يعيش الضياع والبطالة والغلاء في بلد يواجه ازمات اقتصادية واجتماعية حادة، خصوصاً بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وتراجع الثقة بمثل الغرب. ولكن سيكون على الحركات “السلفية” والاصولية عمل الكثير لكي تتمكن من ان تكون ذات شأن الى جانب “الامبراطورية” الصوفية المتحكمة التي تعتمد على قاعدة اقتصادية قوية وعلى دعم المؤسسة الرسمية.
وظل الاسلام السنغالي مع الحاكم سواء سلطة الاستعمار الفرنسي او الرئيس الكاثوليكي السابق ليوبولد سينغور، او خليفته المسلم عبدو ضيوف.
وعارض الشيوخ “الصوفيون” الاستقلال عن فرنسا وقادوا حملة ضد الاستقلال في استفتاء “لا او نعم” الذي منح بموجبه الفرنسيون الاستقلال لمستعمراتهم الافريقية السابقة.
وقبل اسابيع قليلة من الاستفتاء انتظموا في “رابطة الدفاع عن الجمهورية الخامسة”،، وحاولوا بعدما صوتت الغالبية بـ”نعم” التأثير في الدستور الجديد ليضمن لهم بعض النفوذ. لكنهم لم ينجحوا فردوا بتأسيس “حزب التضامن السنغالي” برئاسة الشيخ التجاني سي احد وجوه التجانية البارزة، وبدعم من صناعيين ورجال اعمال فرنسيين. ودخل الحزب الانتخابات التشريعية لكنه لم يدخل البرلمان لعدم حصوله على اكثر من 12 في المئة من الاصوات. واندفع التجاني سي بعد هذا في اثارة قلاقل دخل على اثرها السجن ولم يخرج الا بالتزام من ابراهيما نياس بحل الحزب.
ومن اسباب سلسلة الهزائم ان الزعامات الدينية كانت تسبح ضد التيار ولم تكن لديها الخبرة السياسية القادرة على اقناع الناخب. واستطاع الرئيس السنغالي السابق سنغور ان يجتذبهم واحداً بعد الاخر بالنقاشات الفردية، والهدايا والمجاملات. وتحولت العلاقة منذ ذلك التاريخ الى “تبادل للمنافع الخدمات” السلطة تقدم الهدايا والقروض المصرفية والتسهيلات وتعين الاتباع، والشيوخ يضمنون السيطرة على الشارع والاصوات.
لكن الطوائف قوت مراكزها بالتغلل داخل المجتمع المدني، واكتساب المزيد من الاتباع في صفوف النخبة، ولكن ايضاً – والاهم من ذلك – يفرض السيطرة الاقتصادية. وكانت اول مواجهة حقيقية مع السلطة عام 1972 في شأن قانون الاسرة الذي قتله رجال الدين على رغم فشلهم في اسقاطه. فقد اعطوا تعليمات لأتباعهم بعدم التوجه الى المكاتب الحكومية في شوون الزواج والطلاق ومنذ السبعينات اصبح الاسلام في بؤرة الاهتمام. وبدأت كل الاطراف تستغله لمصلحتها. وركزت المعارضة على الجانب الاسلامي من سياسة الحكومة وهو الجانب الاكثر حساسية فطرحت مسألة العلمانية في بلد 95 في المئة من سكانه مسلمون.
وجاء نجاح الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 عامل دفع للاسلام السياسي في البلاد. وكان من نتائجه المباشرة مغامرة الشيخ احمد خليفة النياس، وهو سياسي ورجل دين له ثقافة اسلامية واسعة ويتقن العربية ويتحدث الفرنسية وينتمي الى البيت التجاني في مدينة كولح. ودعا نياس الذي لقب “اية الله الكولخي”، و”خميني السنغال” الى ثورة اسلامية، وحاول تشكيل حزب اسلامي باسم “حزب الله” بادرت السلطات الى حظره. ووزع اشرطة فيديو تدعو الناس الى ثورة اسلامية على الطريقة الايرانية. ودعا من باريس سلطات بلاده الى طرد القواعد الفرنسية، ودفع اتباعه الى اعمال عنف اعتقل على اثرها عدد من مؤيديه من بينهم أخوه سيدي لامين نياس الذي يصدر الآن يومية “الفجر” L’ORORE المعتبرة في السنغال صحيفة الأوسط الاصولية.
وبعد رفض السلطات الفرنسية منح “خميني السنغال” وضع اللاجئ السياسي توجه الى طرابلس الغرب في نهاية 1979 وأحسن الليبيون استقباله. ما ادى الى قطع العلاقات الديبلوماسية بين داكار وطرابلس. واعتقل نياس في النيجر عام 1981، وسلم الى داكار وافرج عنه بعد فترة في مقابل التزام وقف نشاطه السياسي. لكنه ما لبث ان استأنف هذا النشاط بحرق العلم الفرنسي امام الجمهور اثناء زيارة للرئيس ميتران لداكار. وتوعد الجالية الفرنسية بالعقاب اذا لم ترحل القواعد العسكرية. ورفع شعار “امس ايران وغداً السنغال”.
وقادت هذه الاحداث الى اعتقاله مجدداً مع ثلاثة من اخوته. وتقدمت مجموعة اخرى من الكوادر بطلب ترخيص لحزب “التجمع من اجل الانقاذ الوطني”. وقالت في وثائقه انه يستلهم روح الاسلام، لكن السلطات منعت هذا الحزب.
وقال “آية الله الكولخي” لـ”الوسط” ان “فكرة الحزب الاسلامي ما زالت قائمة ووجوده حق لكنه يصطدم بعقبتين ينبغي ازالتهما الاولى العلمانية التي تعتمدها السلطة، والثانية هي مصالح المشيخات الصوفية. ينبغي كسر حاجز العلمانية الذي يعمل على طمس الوجه الاسلامي والعربي للسنغال”.
ويطرح موضوع علمانية الدولة التي تقتضي عدم الاشارة الى الدين في شكل دائم في المحاضرات والخطب والمقالات التي تنشرها الصحف المقربة من الاوساط الاسلامية.
وفجر احمد نياس نفسه هذا الموضوع خلال حضوره الى المحكمة شاهداً في قضية اغتيال رئيس المجلس الدستوري التي حوكم منفوذها في تشرين الاول اكتوبر الماضي.
وقال وهو يشهد: “أحلف بالله….” فصرخ فيه رئيس المحكمة: “قل: “أحلف … فقط وإلا سترد شهادتك”، ورد “خميني السنغال” “اذا كنت جاداً في ما تقول فأت بي الى صالة لا يوجد بها الله”.
ويعتقد خليفة نياسر ان تشكيل حزب اسلامي يتطلب الحصول على الكثير من المال الذي يسمح له بـ”استجابة المطالب المادية لزعماء الطرق الذين يحصلون على الملايين في شكل هدايا وتسهيلات من الحكومة”. وهو يرى ان “الاصولية لا تهدد البلاد الآن لأن الشارع في يد المشيخات الصوفية”. التي يعتقد بأنها “زاهدة الآن في الحكم المباشر ومكتفية بالاستفادة المادية ورعاية المرشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية”، وهي “تطرح في الواجهة اشخاصاً تستطيع التحكم بتصرفاتهم”. وتصر على “الابتعاد عن التبني الكامل لأي شخص للتحاشى الانعكاسات السلبية لسلوك السياسيين وادارتهم للشؤون العامة”.
لكن انياس الذي تحول من المعارضة الى الموالاة يحذر من ان “سوء الاداء الاقتصادي والسياسي للحاكمين يزيد من ضغط الشارع. كما ان عجز السلطات عن تلبية المطالب الكثيرة التي تطرحها المشيخات من شأنه ان يعجل بالطلاق بين الاسلام ومؤسسة الحكم”