عندما قرأت العنوان المتعلق بقيام الرئيس ولد عبد العزيز “بتحرير شوارع عرفات” ! لم أفهم العبارة ودخلت على أكثر من موقع إخباري لعلي أفهم المقصود بتحرير تلك الشوارع لأن كلمة تحرير الواردة في إعلان الاتحاد من أجل الجمهورية ” حزب السلطة ” تحيل القارئ إلى أن هذه الشوارع كانت محتلة من طرف قوة أجنبية وأن الدولة الموريتانية ممثلة في رأس سلطتها تسعى لإعادة جزء سليب من الوطن إلى الحوزة الترابية ! وهو أمر غير متحقق فعرفات بكاملها تعتبر إحدى مقاطعات العاصمة نواكشوط وبالتالي فإن استخدام هذا التعبير يحيلنا إلى لغة خشبية تعود إلى عصور بائدة كانت فيها الأنظمة الاشتراكية تعمد إلى هذا النوع من العبارات الرنانة لإلهاب حماس الجماهير فهناك حرب ضد “الرجعية وأخرى ضد البرجوازية وثالثة ضد نير الاستعمارالبغيض .. .” إلى غير ذلك من العبارات التي يتضمنها قاموس الأنظمة الأحادية
وبرأيي أن المسألة لاتتطلب كل هذا التجييش الإعلامي واستخدام هذا النوع من العبارات فهي مجرد حملة قام بها النظام من أجل أن يوضح للمعارضة أنه بصدد تنفيذ بعض تعهداته للمواطنين بتوزيع الأراضي وترسيمها والقضاء على الأحياء العشوائية وهو أمر بالغ الأهمية ولكنه يتطلب الكثير من الدقة والحصافة حتى لاتتحول معركة البناء والتعمير والإصلاح إلى تصفية حسابات ضيقة يدفع ثمنها الضعفاء من مواطني هذا البلد .
ويقتضي العدل أن توفر الدولة للذين ستدك الجرافات بيوتا بنوها بعرقهم طيلة عقود من الزمن ، ملاذا آمنا ومكانا أفضل من ذلك الذي ستهدمه ، وتنقلهم إليه بحيث لاتتحرك الجرفات إلا لإزالة أنقاض قد غادرها أصحابها طواعية ونتيجة لتعويضات مرضية لهم ! أما أن تقو الجرفات بجرف البيوت على رؤوس سكانها وسط تصفيق المطبلين ممن لاناقة لهم ولاجمل إلا التزلف لأي حاكم فذلك أمر يخرج المعركة عن إطارها المفترض ويجعل البلاد تتجه باتجاه دكتاتورية يدفع ثمنها الضعفاء وهو أمر يسبب الهلاك كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ” إنما أهلك من كان قبلكم ” الحديث الشريف الذي يؤكد أن هلاك الأمم يسببه الظلم الممارس على الضعفاء فإقامة الحدود وتطبيق النظام يجب أن تكون سمة عامة لاتقتصر على فئة دون أخرى فلايمكن اعتبار مكافحة الفساد صادقة إذا كان يحارب مفسدو المعارضة دون الموالات ولايمكن إصلاح الشوارع إذا اقتصر الإصلاح الترابي على أحياء الفقراء فهناك الكثير من الفوضى التي تتطلب تحريرا بصغة أكثر استعجالية ولكنه تحرير ينبغي أن يتم وفق أطر مدروسة تبتعد عن أسلوب تسجيل الأهداف وضربات الجزاء كما يفعل الرياضيون المنهكون في مباراة مصيرية فذلك أمر أثبتت التجارب أن حبله قصير ، وأن مضاره أكثر من منافعه مهما التهبت أكف المصفقين وتحدثوا في المنابر الإعلامية عن خطوات غير مسبوقة ” فهياكل تهذيب الجماهير ! ودور الكتاب
تعليق واحد