موشاتْ – Les Mossis / سيدي محمد XY
شكل موشات جزءا من ذاكرتنا الصغيرة البريئة، كان أحدنا لايجرؤ على الخروج بعد صلاة العشاء خوفا من موشات أو موشيات. وربما طاف بنا كابوس في ركب الليالي الموحشة، فيرى الواحد منا فيما يرى النائم وكأنه انزلق إلى غابة مدلهمة فأحاط به موشات من كل جانب ليأكلوه وهم يحملون حرابهم الطويلة ومناشرهم، وقد دعا أبوهم زعيم القوم عترته إلى المذبح، وأن أحدهم تلّه للجبين وقام آخر بإحضار (الكبكب) لذبحه، فيصيح صيحة عظيمة تشق صمت الليل، فتفرق لها أمه التي تضمه وتهدهده وتقرأ اسم الله عليه، فيهدأ روعه وتتضاعف فرحته حين يدرك أن ما حدث كان(جتمةً) بركت عليه وأفلت منها، وحلما عبر أفق خياله الغض الذي تتزاحم في لاوعيه قصص من قصص موشات أنتجها خيال لايرحم من أخيلة أولئك القصاصين العتاة، ألقاها في روعه وزرعها في عقله الباطن.
وشعب موسي (Les Mossis)مجموعة عرقية في بوركينا فاسو “فولتا العليا” سابقا، يشكلون أكثر من 40٪ من السكان، ومع مجيء الاستعمار الفرنسي شكل شعب الموسي غالبية اليد العاملة نظرا لمهارتهم والتزامهم وقناعتهم حيث يرضون بالقليل، فكانت الشركات الفرنسية تجلب العمالة من الموسي للمستعمرات الأخرى للعمل خاصة مجالي البناء وحفر الآبار، وكان للمنتبذ القصي نصيبه من الموسي، فكان جل البنائين وحفاري الآبار منهم.وقد رآهم أهل المنتبذ خلقا آخرَ، فهم صنف من البشر لم يعهدوه كانت سحناتهم مختلفة ووجوههم مشرّطة وكانت رطانتهم غريبة كمنطق الطير، ليست مما عُلّمه أهل المنتبذ.أعرف رجلا من الموسي يدعى “ماديكيه فاي Madéké Faye” كان يعمل مراقبا “للسلك” أي خط الاتصال السلكي لشبكة الهاتف بين المذرذرة وبوتلميت وبين المذرذرة و روصو، كان يقوم بدورية لمراقبة وصيانة السلك على الجمال والحمير، استوطن المذرذرة واطّبته وعاش فيها مع زوجته وأبنائه.ورغم أن الموسي شعب طيب مسالم وملتزم ومنهم مسلمون إلا أن أهل المنتبذ القصي أوجسوا منهم خيفة، وشاع بينهم أن الموسي أوالموشي أو الموشات كما أصبحوا يسمونهم يسرقون الأطفال ويأكلون البشر.وبدأت الأساطير تحاك حولهم وانتشرت بين أهل المنتبذ انتشار النار في الهشيم.يروى أنه في عرض عسكري في العراق، كان استعراض قوات المشاة العسكرية رائعا، طرب لتنظيمه وتوحيد خطواته على الموسيقى وقرع الطبول، العقيد محمد ولد لكحل وهو على منصة العرض فصار يضرب برجله على الأرض، فسأله ضابط عراقي يجلس إلى جانبه:أنت من المشاة؟فأجب ولد لكحل: مانلّه آن عربي معلوم .وقد شاع -والشيء بالشيء يذكر- عند أهل المنتبذ القصي في فترة من الزمن، أن “أهل التلْ” أي سكان المنطقة الممتدة من أطار إلى اسمارة، كانوا يأكلون لحوم البشر.وكان الصبية يخوفون بهم فيأمرون بالنوم باكرا حتى لا يأتيهم أهل التل !!فما مصدر شائعة أكل موشات أو موشيات وأهل التل للحوم البشر ؟! كامل السولان