قصة مثل../ المرتضى محمد اشفاق
يرمز شرتات في قصصنا الشعبي للبراءة، والجبن، خلع عليه الناس صورة إنسان أبله، مضحك و”مهرود”، أما الأرنب فترمز للذكاء، والدهاء، والتريث .. زعموا أنها صارت زوجا ل(شرتات) وتعاونا على تدبير شؤون البيت، يتقاسمان العمل بالخردل والدانق، يتناوبان على جلب الماء، ويتكفل من بقي بحراسة الحقل …
ذهبت الأرنب في يوم وردها إلى البئر البعيدة في يوم حار، وانتظرت حتى صدر الرعاء، فاخذ منها التعب والجوع وأحست بالحاجة إلى الراحة..كان (شرتات) في الحقل وحيدا، سعيدا بانفراده، يلتهم السنابل والبطيخ وآدلكان، و يفرغ في جوفه كل ما سهل ابتلاعه وجنب الأضراس المشقة والجهد ..
لكن الأسد ظهر!! أي نحس هذا الذي فاجأ صاحبنا في جنته، واقتحم عليه لذيذ خلوته، انطلقت خراطيم إسهال (شرتات) تغمر مساحات كبيرة من أرض الحقل،
توارى الزعيم إلى جذوع الشجر، تاركا الأسد يمارس كامل سلطته، ويلبي كل حاجاته الغذائية من صنوف الثمار والحبوب، و كلما التفت إليه الأسد، استأنفت راجمات صواريخه قصف المكان من جديد ..
عادت الأرنب بوردها وتلقاها (شرتات) مضطربا على غير عادته، يحاول إظهار البهجة والشعور بالارتياح، ثم قال لها (لِفْرَيْخ اسْبَعْ) جاء بعدك وأشبعته ضربا، وركلا، وتخويفا، حتى افتضح، انظري يا حبيبتي إلى أنهار رجيعه…
انشغلت الأرنب بحط القرب، وتقييد الحمير في جانب الحقل، وعادت متغابية، وقالت شكرا لك يا زوجي العظيم، أنا محظوظة بوجودي مع رجل قوي، وشجاع يحمي الحريم، ويمنع الجار، وتهابه الأسود، لكن كان عليك أن تقتل الأسد، قالتها بخبث، ودهاء، قال (شرتات) منتشيا بتغزل زوجته، لا عليك يا حبيبتي، فضلت أن يعيش مفضوحا حتى يتألم أكثر، الموت راحة يا نور عيني، يا قمر، يا سلام !!!قالت الأرنب هيا ننظف حقلنا من براز الأسد، وشرعا يجمعانه حتى تكونت منه شبه ربوة صغيرة، ثم أمرت زوجها بإحضار شهاب، وجمعت ما رق من الحطب..أشعلت النار وبدأت تحرك الفضلات إليها، فتعجب (شرتات)، واستخبرها عن سر ما تفعل، قالت الأرنب: يا حبيبي، يا بطل، يا أغلى الرجال، يا أعظم الأبطال، أنا سأقتل الأسد! نعم سأقتله، أنا غضبى لأن نفسه سولت له أن يقتحم عليك سلطانك، صحيح أنك أهنته، وجرحت كبرياءه، وعفرت كرامته، ودنست سمعته، لكنني سأقتله، فقد جاء في الآثار الدقيقة من كتب المتقدمين أن البراز إذا أحرق مات صاحبه في الحال، واصلت الماكرة تحريك الوسخ إلى النار..ولما أيقن شرتات جدها في ما ذهبت إليه، وأنه هالك، صاح فزعا، وتدفقت على عرقوبيه، ورجليه أفواج جديدة من كتائب السند الداخلي: (بِشَّوْرْ بشور إجَكْرِكْ، لا تْيَتْمِي أولادك، ذاك فِيهْ انَّ شِ )…فصارت مثلا…