روحاني لترامب: إياك أن تهدد الأمة الإيرانية
دبي/واشنطن (رويترز) – بكى الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي في حين احتشد مئات الألوف من الإيرانيين في شوارع طهران يوم الاثنين للمشاركة في جنازة قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي قُتل بطائرة مسيرة في غارة جوية أمريكية بأوامر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ومرر المشيعون من فوق رؤوسهم في وسط طهران نعشي سليماني وأبو مهدي المهندس، وهو قيادي عراقي قُتل أيضا في هجوم الجمعة في بغداد، الملفوفين في علمي إيران والعراق.
وردا على تهديد ترامب بضرب 52 موقعا إيرانيا إذا انتقمت طهران لمقتل سليماني، كتب الرئيس الإيراني حسن روحاني على تويتر ”إياك أن تهدد الأمة الإيرانية“، في حين تعهد خليفة سليماني بطرد القوات الأمريكية من المنطقة انتقاما.
وقاد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي (80 عاما) الصلاة في جنازة سليماني في طهران واختنق صوته بالبكاء أثناء الكلام. وكان سليماني (62 عاما) في نظر الكثيرين بطلا قوميا، حتى العديد من أولئك الذين لا يعتبرون أنفسهم من المؤيدين المخلصين لرجال الدين الذين يحكمون الجمهورية الإسلامية.
وأظهرت لقطات من الجو الحشود المتشحة بالسواد وقد تجمهرت في الشوارع الرئيسية والجانبية بوسط طهران، مرددة هتاف ”الموت لأمريكا“ في تعبير عن الوحدة الوطنية بعد احتجاجات عنيفة في نوفمبر تشرين الثاني قُتل خلالها كثير من المتظاهرين.
وأعاد حجم الحشود في طهران، والذي قالت وسائل إعلام رسمية إنه بلغ ملايين الناس، إلى الأذهان مشهد الجماهير التي خرجت في عام 1989 لحضور جنازة مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني. وكان سليماني، الذي رسم خطة إيران لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، يعتبر على نطاق واسع ثاني أقوى شخصية في إيران بعد خامنئي.
وأجج قتل سليماني القلق في جميع أنحاء العالم من اندلاع صراع أوسع في الشرق الأوسط.
ورد روحاني على تويتر قائلا ”أولئك الذين يشيرون إلى رقم 52 عليهم أن يتذكروا أيضا رقم 290“ في إشارة إلى إسقاط سفينة حربية أمريكية لطائرة إيرانية عام 1988 مما أودى بحياة 290 شخصا.
* تعهد بالرد
قال الجنرال إسماعيل قاآني القائد الجديد لفيلق القدس، الوحدة المسؤولة عن العمليات الخارجية في الحرس الثوري ”أعد بأن أواصل قضية الشهيد سليماني بنفس الحزم وبعون الله وفي مقابل استشهاده نهدف إلى طرد أمريكا من المنطقة“.
ووجه قادة عسكريون وسياسيون تهديدات مشابهة دون الخوص في تفاصيل. ويمكن لإيران، التي تقع على ممر شحن نفط الخليج، أن تستخدم وكلاءها في المنطقة للتحرك.
وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي في بيان إنه التقى مع السفير الأمريكي في بغداد يوم الاثنين وإنه أكد ”ضرورة العمل المشترك لتنفيذ انسحاب القوات الأجنبية حسب قرار مجلس النواب العراقي ولوضع العلاقات مع الولايات المتحدة على أسس صحيحة“.
ويوجد في العراق نحو خمسة آلاف جندي أمريكي.
وبنى سليماني لإيران شبكة وكلاء من القوات الإقليمية ليشكل نطاقا من النفوذ امتد من لبنان عبر سوريا والعراق. ويشمل الحلفاء أيضا جماعات يمنية وفلسطينية.
كما كان لسليماني دور بارز في حشد الفصائل المسلحة الشيعية في العراق لدعم جهود القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية الذي بسط سيطرته على مساحات شاسعة في سوريا والعراق في عامي 2013 و2014.
لكن واشنطن كانت تحمل سليماني مسؤولية الهجمات على القوات الأمريكية وحلفائها.
وستنتقل الجنازة بعد ذلك إلى مدينة كرمان مسقط رأسه في الجنوب يوم الثلاثاء. وقالت زينب ابنه سليماني للمشيعين إن الولايات المتحدة ستواجه ”يوما أسود“ بسبب مقتل والدها.
* الاتفاق النووي
تزايد التوتر بعد إعلان إيران أنها ستقلص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 مع ست قوى كبرى، وهو الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عام 2018.
وردا على ذلك، قال دبلوماسيون أوروبيون يوم الاثنين إن الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق ربما تقود هذا الأسبوع جهودا لإعادة فرض عقوبات من الأمم المتحدة على إيران، وهي العقوبات التي كان قد جرى رفعها بموجب الاتفاق.
وأوضح الدبلوماسيون أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا ربما تحسم قرارها بهذا الصدد قبل اجتماع مقرر لوزراء خارجية دولة الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة لبحث سبل إنقاذ الاتفاق.
ومنذ الانسحاب، فرضت واشنطن عقوبات صارمة على إيران، ووصفت سياستها بأنها ”أقصى قدر من الضغط“ وقالت إنها تريد خفض صادرات النفط الإيرانية، المصدر الرئيسي لعائدات الحكومة، إلى الصفر. وانكمش اقتصاد إيران بشدة مع التراجع الحاد في قيمة عملتها.
وقالت كيليان كونواي مستشارة البيت الأبيض يوم الاثنين إن ترامب واثق من استطاعته التفاوض على اتفاق نووي جديد مع إيران ”إذا أرادت إيران أن تبدأ في التصرف كبلد عادي“.
وطالبت الولايات المتحدة يوم الاثنين مواطنيها في إسرائيل والأراضي الفلسطينية بالتزام الحيطة والحذر لوجود مخاطر من شن هجمات صاروخية. وبوصفها حليفة للولايات المتحدة، تخشى إسرائيل من احتمال شن هجمات صاروخية عليها من قطاع غزة الذي يسيطر عليه ناشطون فلسطينيون تدعمهم إيران أو من جماعة حزب الله اللبنانية وكيلة إيران الكبرى في المنطقة.
وقال منتقدون ديمقراطيون للرئيس الجمهوري ترامب إنه كان متهورا في إجازة الضربة الجوية في حين قال البعض إن تهديده باستهداف مواقع ثقافية إيرانية يرقى إلى مستوى التهديد بارتكاب جرائم حرب. كما هدد ترامب بفرض عقوبات على العراق وقال إنه إذا طُلب من القوات الأمريكية مغادرة البلاد، فسيتعين على الحكومة العراقية أن تدفع لواشنطن مقابل تكلفة قاعدة قاعدة جوية ”باهظة الثمن للغاية“ هناك.