canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراءموضوعات رئيسية

بين حكم لقمان ومال قارون وصبر أيوب: قراءة في الواقع الموريتاني المعاصر / قاسم صالح

تعيش موريتانيا اليوم حالة معقدة من التداخل بين الإرث التاريخي والتحديات الحديثة، ويشكل القول: (لا يمكن أن يكون الغنى إرثا والفقر إرثا، والنفوذ إرثا والذل إرثا… وكأننا ورثنا حكم لقمان عند حكامنا، ومال قارون عند أغنيائنا، وصبر أيوب عند شعبنا) مدخلا رمزيا مكثفا لفهم طبيعة الاختلالات العميقة التي تعصف بالبنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في البلاد. فهذا القول لا يكتفي بتوصيف الفوارق، بل يقدم تشخيصا نقديا يعكس ثلاثية السلطة/الثروة/المعاناة التي تحكم المشهد الموريتاني المعاصر.
أولا: البعد الرمزي للعبارة
إن استدعاء رموز دينية ـ لقمان، قارون، أيوب ـ لا يأتي اعتباطا، بل يهدف إلى تكثيف دلالات الواقع:
لقمان رمز الحكمة، لكنه يستعار هنا لتوصيف سلطة تبرر استمراريتها تحت شعار الحكمة والاستقرار.
قارون رمز الثروة المتركزة والفاقدة للعدالة، وهو ما يتجلى في نخبة اقتصادية محدودة تستحوذ على الموارد الوطنية.
أيوب رمز الصبر على البلاء، في إشارة إلى قدرة الشعب على تحمل الفقر والتهميش دهورا طويلة دون انفجار شامل.
هذا الإطار الرمزي يحول الواقع إلى خطاب أخلاقي/سياسي يُحمّل الجميع مسؤولياتهم: الحاكم الذي يحتكر الحكمة، الثري الذي يحتكر الثروة، والشعب الذي يُجبر على الصبر.
ثانيا: الاقتصاد الريعي وتوريث الغنى والفقر
تقوم البنية الاقتصادية الموريتانية على الريع (المعادن، الصيد، الثروات الطبيعية) مع ضعف التصنيع وتهميش الزراعة والرعي التقليديين. وقد أدى ذلك إلى:
توارث الغنى: احتكار الثروة داخل دوائر عائلية وقبلية ضيقة.
توارث الفقر: استمرار التهميش في الأرياف والبوادي، حيث يولد الفرد في دائرة الحرمان ويظل فيها جيلاً بعد جيل.
هذه الثنائية تجعل من الثروة والفقر قدرا اجتماعيا أكثر مما هما نتيجة لسياسات اقتصادية رشيدة أو اجتهاد فردي.
ثالثا: النفوذ والذل كبنية سياسية
النفوذ في موريتانيا غالبا لا ينبني على الكفاءة أو الإنجاز، بل على الانتماء القبلي أو القرابي، وهو ما يجعل السلطة أشبه بإرث سياسي. وبالمقابل، يجد المواطن العادي نفسه أمام ما يمكن تسميته( بـتوريث الذل)، أي تكريس موقع التبعية والعجز عن التأثير.
إن هذا الوضع ينتج حياة سياسية شكلية يغلب عليها منطق الولاء على حساب البرامج، وتصبح المشاركة السياسية أداة للتوزيع الزبوني لا لبناء الدولة الحديثة.
رابعا: صبر أيوب وثقافة الاحتمال
يمثل الشعب الموريتاني في هذا التصوير رمز الصبر الطويل، إذ يتحمل التفاوت الاجتماعي والظلم البنيوي دون حراك واسع. غير أن هذا الصبر لا يعكس بالضرورة رضا، بل قد يكون تعبيرا عن ثقافة الاحتمال السلبي التي تزرعها البنى التقليدية (الدين، القبيلة، الأعراف) في النفوس.
لكن السنوات الأخيرة تكشف عن تحول تدريجي؛ إذ بدأت النخب الشبابية والثقافية تطرح أسئلة النقد والمساءلة، ما يفتح الباب أمام تجاوز ثقافة الصبر إلى ثقافة المطالبة بالحقوق.
إننا حين نقول (ورثنا حكم لقمان ومال قارون وصبر أيوب) لسنا في مقام الاستعارة الادبية، بل هو تشخيص اجتماعي-سياسي يختزل أزمات موريتانيا المعاصرة في ثلاثية: توريث الثروة، توريث النفوذ، وتوريث الصبر.
ولكي تتجاوز البلاد هذه الحلقة المفرغة، لا بد من:
1. إعادة توزيع الثروة عبر سياسات عادلة ومستدامة.
2. دمقرطة النفوذ بالقطع مع التوريث القبلي والزبونية.
3. تحويل ثقافة الصبر إلى فعل جماعي يطالب بالحقوق ويؤسس لعدالة اجتماعية حقيقية.
بهذا فقط يمكن لموريتانيا أن تتحرر من أسر الإرث المقيد، وتؤسس لدولة المواطنة والعدالة والتنمية المتوازنة.


قاسم صالح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى