من واقع النزاعات الأسرية/ السيده اجيرب
كان منزل الأسرة عبارة عن غرفتين يسكنهما والداه
وباقي الممتلكات عبارة عن مزرعة صغيرة وبقرة.
كان الفقر هو السمة الظاهرة أما ماخفي فكان أعظم.
بعد وصولنا بدأت مهمتي الجديدة وهي التعامل مع هذه الأشياء ومساعدة العائلة في زراعة الأرض وتعلم حلب البقرة والتنظيف والطبخ ….
ذهبت معه زوجة وحبيبة وأصبحت خادمة له ولوالديه .
لم أتحمل هذه الوضعية وطلبت منه أن يعيدني إلى بلدي رد علي بلكمات أدمت وجهي ، علمت حينها أنه كتب علي الشقاء بطعم الغربة وأنني اخترت فارس أحلامي بمعايير المسلسلات الرومانسية.
أذاقني كل أنواع العذاب والذل وكأنه كان ينتقم من أسرتي ويستمع إلى وصفهم له ب ( لعريبي….. ).
تركني مع والديه وسافر للبحث عن عمل إلى مدينة أخرى بعيدة وترك تعليمات لوالديه بأن تبقى تحركاتي ضمن مثلث السكن – المزرعة- ازريبه.
حقيقة كان والداه يعاملاني معاملة طيبة ويشفقان علي من قسوته ومن اجباره لي على ممارسة أعمال شاقة لا قبل لي بها ولا أعرفها وأنا الفتاة الغضة والمدللة وابنة المدينة التي لم تزر البادية إلا للنزهة.
كنت أبكي ليلي أما النهار فربما لا أجد متسعا من الوقت لذلك.
انضافت إلى مأساتي أنني حملت جنينا في بطني فأصبت بنقص في الحديد وأعراض الحمل الأخرى.
صحبتني والدته إلى النقطة الصحية وحينما عاينني الطبيب أمرني بالتوجه للعاصمة لإجراء فحوصات ضرورية حينها التفتت إلي والدته وسألتني إن كان لدي تكاليف العلاج فأجبتها بالنفي فسألتني هل لدي أقارب أومعارف في تلك المدينة فأجبتها بأنني لا أعرف في هذه البلاد غيرهم .
عدنا إلى البيت وأنا أحمل مأساتي تذكرت والدتي وإخوتي تيقنت أنني ضيعت نفسي وسرت وراء سراب ووهم بنيته من ثقافة المسلسلات .
اقترحت علي والدته أن أذهب إلى سفارة بلادي في العاصمة لعلي أجد وسيلة للإلتحاق ببلدي .
كان هذا الاقتراح يشكل الفرج الذي انتظرته أوصلتني إلى محطة النقل واعطتني مبلغا بالكاد يغطي تكاليف النقل توجهت للعاصمة ووصلت إلى السفارة وقابلت أحد المستشارين لأروي له مأساتي .
مككني المستشار من التواصل مع والدتي عبر الهاتف فسمعت صوتها لأول مرة منذ وصولي إلى هذه البلاد.
رويت لها وأنا أبكي جزء من معاناتي وطلبت منها ان تتدبر أمر عودتي فجاءني صوتها الباكي بالموافقة فارسلت لي تذكرة الطائرة، سافرت في اليوم التالي عائدة إلى بلدي وأنا أحمل معاناتي وجنينا في بطني .
عدت إلى حضن والدتي التي كانت امنيتها أن تراني رغم ما فعلته .
انجبت بنتا جميلة ولكنها بقيت شاهدا حيا على تجربتي الفاشلة في الحب والخروج على أسرتي المحافظة ومجتمعي التقليدي .
بعد شهرين من ولادة ابنتي فاجأني صاحب الدكان برسالة فتحتها فإذا بها استدعاء من قاضي المقاطعة .
حضرت أنا ووالدتي إلى المحكمة فإذا بزوجي جالس في قاعة الانتظار فاطلقت صرخة في وجهه مستعرضة مأساتي معه أمام كل الجالسين في تلك القاعة.
نودي بأسمائنا فدخلنا على القاضي الذي بدأ بالاستماع لزوجي الذي اتهمني بالهروب من بيت الزوجية واتهم والدتي بمساعدتي على ذلك .
رويت مأساتي للقاضي وقلت له سيدي القاضي أريد الطلاق فأنا تزوجته برغبتي رغم معارضة أسرتي ولو حصلت على يسير مما كنت احلم به لما هربت من بلده وطلبت الطلاق.
تعددت الجلسات ومحاولة الصلح ولكني كنت مصرة على الطلاق فرضي ولكنه اشترط تسليم البنت له ( الخلع) فجئت أريد منكم الدعم والمؤازرة لكي تبقى معي ابنتي فرغم كل شيئ أحبها.
بعد ها بأيام جاءت لتخبرنا وهي مكسورة الخاطر ضعيفة الصوت دامعة العين لتخبرنا بموافقتها على التنازلعن حضانة صغيرتها ذات الأشهر الثلاثة مقابل الطلاق وتبين أن الموافقة جاءت بتشجيع وضغط من اسرتها ربما محاولة لطمس معالم ما قامت به ابنتهم وقطع كل علاقة تربطها بمن سلمته نفسها ذات -حب – دون موافقة اهلها.
دمتم وطابت ليلتكم .
89 تعليقات