كتابان في السياسة …/ عبد القادر ولد محمد
في عام 1964 صدر في فرنسا كتاب ” الانقلاب المستديم “. Le coup d’état permanent
لصاحبه فرانسوا ميتيران الذي مهد به لحملة انتخابية شرسة استطاع في أعقابها وضع الجنرال ديكًول في موقف صعب حيث انه وجد نفسه .. على عظمته و كبرياءه .. في مواجهة محرجة لمعارضه التاريخي بشوط ثاني .. كانت الجمهورية الخامسة …التي رسمت في دستور تمت خياطته من طرف الجنرال علي مقياسه .. باوج عزها .. حتي نسي الشعب الفرنسي محنة الفشل الذريع الذي منيت به الحكومات البرلمانية المتعاقبة .. ..وحتى استتايس المعارضون من أفق التناوب فيها .. فجاء الكتاب كصرخة ضد النظام الرئاسي القائم بحكم الدستور الذي صنع حسب تعبير الكاتب ملكا من غير ابناء الملوك .. ثم دارت الايام ووصل الكاتب علي ظهر خياله الجذاب الي قصر الاليزي فحافظ علي المؤسسات الدستورية للجمهورية الخامسة ولم يغير ولا حرفا من دستورها …الذي استنسخه كتاب القصر الرئاسي المورتاني علي عجالة في اعقاب خطاب ألقاه الرئيس ميتر ان بعد ان القي ب ” انقلابه المستديم ” في سلة المهملات …و ربما لم ينتبه كتاب النسخة المورتانية الي ان النظام الرئاسي المعمول به في الجمهورية الخامسة سيزداد سلطوية بموجب العقليات السائدة في مجتمع يعتبر سواده الاعظم طاعة السلطان ركنا من الايمان و لا يؤمن في الغالب بمعارضة السلطة .. و قد تجلي ذلك في عجز المعارضة التاريخية عن فرض التناوب كما تصورته مذ البداية بواسطة رموزها الذين وجدوا أنفسهم في العديد من الحالات في موقف المنتظر ” لانقلاب عسكري مستديم ” و تلك لعبة سياسية تفوق فيها العسكر و ربما أدرك السياسيون بعد العصر انها تضعهم حتما في مكانة المفعول به .. وذلك لسبب بسيط يعود إلى ان الحس الاستراتيجي وما يترتب عليه من التكتيك يعد من اهم مكونات السياسة السلطوية و كما هو معلوم فان العسكرين لديهم خبرات مهنية في هذا المجال خاصة حين يتعلق الامر بزرع ” الخلاف في صفوف الخصوم ” وفقا لعنوان كتاب ألفه الجنرال ديكًول La discorde chez l’Ennemi
،،..،،