صندوق النقد والبنك الدولي يشيدان بالانجازات الاقتصادية في موريتانيا .. المعارضة ردت على التقرير المبني على “معلومات خاطئة”
فيما يمتدح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي نجاح موريتانيا “الحقيقي” في تنفيذ إنجازات اقتصادية قادت إلى “إبطاء وتيرة التضخم، وتراجع الفقر وتحقيق النمو الاقتصادي والحد من اختلال التوازنات الكبرى” وسط “إجماع سياسي على برنامج إصلاحي”، اتهمت دراسة اقتصادية أعدها خبراء في المعارضة الموريتانية المؤسستين الماليتين الدوليتين بالمحاباة والوصول الى استنتاجات “خاطئة بنيت على معلومات خاطئة”.
وقالت وثيقة وقعت عليها الحكومة الموريتانية والمؤسستان الماليتان أخيرا إن “موريتانيا نجحت بشكل حقيقي في تحقيق معدل نمو اقتصادي إيجابي، وحدت من اختلال التوازنات الكبرى وأبطأت وتيرة التضخم وسارت نحو نظام اقتصاد السوق”. وأضافت الوثيقة التي تشكل قاعدة لاتفاق جديد بين الحكومة والمؤسستين “إن المؤشرات الاجتماعية تحسنت وتراجع الفقر” كما دخلت البلاد منذ 1991 “نظام التعددية الديمقراطية وتجري انتخابات دورية”، معتبرة ان موريتانيا حققت في 1997 أهدافها في ميدان النمو الاقتصادي والتضخم حيث كان فائض الموازنة 2،4 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وخفضت العجز في حساب التبادل بحوالى 3،2 في المئة، ورفعت معدل تغطية الاحتياط، الى ما يغطي 6.4 أشهر من الاستيراد.
لكن الوثيقة تقول إن النتائج تضررت قليلاً في 1998 بسبب تراجع أسعار السمك، لكن السلطات اتخذت إجراءات من بينها خفض قيمة التبادل بالعملة المحلية وانتهاج سياسة تقشفية في مجال الموازنة العمومية، ورفع سعر الفائدة. وتمكنت من وقف معدل التضخم عند 8 في المئة وتم الحد من تدهور الحساب الخارجي الجاري ليتوقف عند 3،2 في المئة، كما بقي فائض الموازنة مرتفعاً بنسبة 1،2 في المئة.
وقالت الوثيقة ان سوق التبادل بالعملات تحسن عموماً بسبب الاستمرار في انتهاج المزيد من تحرير نظام الأسعار والسياسة الجديدة التي انتهجها البنك المركزي الموريتاني ببيع وشراء كميات غير محددة من العملات بسعر السوق. وذكرت أن موريتانيا تفي بالتزاماتها للدائنين في المواعيد المحددة على رغم أنه لم تنجح بعد في عقد اتفاقات مع دائنيها غير الأعضاء في نادي باريس في شأن جدولة الديون. وزادت أنه على مستوي جهود الاصلاحات الهيكلية تضاعفت الأخيرة بفضل إصلاح شركة الطيران الوطنية، وانتهاج سياسة جديدة في مجال الصيد “صادق عليها البنك الدولي وممولون آخرون”، و”التوصل الى إجماع سياسي على برنامج طموح لإصلاح هيكلي متوسط المدى”.
غير أن دراسة اقتصادية أعدها خبراء في تكتل المعارضة الرئيسي “اتحاد القوى الديموقراطية” وزعت في نواكشوط ردت على هذه التأكيدات، واتهمت البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بمحاباة الحكومة الموريتانية وحملت المسؤولية للموظفين المقيمين في موريتانيا.
وتساءلت الدراسة عن المعلومات التي استندت إليها المؤسستان “والتي تردد منذ 15 عاماً أغنية مملة في تقارير الهيئات المالية الدولية”. وقالت إن “نمواً اقتصادياً لا يترجم في وحدات انتاج جديدة وفرص عمل جديدة، أو زيادات في الأجور في إطار توزيع ناتج النمو لا تساوي في القيمة إلا الركود والكساد”. وأضافت: “من المعلوم أن موريتانيا لم تشهد إقامة وحدات إنتاج بينما يزداد معدل البطالة بشكل يدعو الى القلق وتجـمّد الرواتب على حــالها منـــذ أعــوام كثيرة”.
وعن إبطاء وتيرة التضخم قدمت الدراسة قائمة بعدد من المنتجات الاستهلاكية الضرورية شهدت ارتفاعات مذهلة من 1996 إلى 1999. أما “تراجع الفقر” فقد قالت الدراسة إن “الاحصائيات الرسمية تعترف بأن 57 في المئة من الموريتانيين يعيشون تحت خط الفقر وأن البلد يقع ضمن البلدان العشرة الأفقر في العالم. مع أن الاحصائيات الرسمية تلقي ظلالاً خادعة يراد بها خداع الشركاء الأجانب”.
وعن الديموقراطية والانتخابات قالت الدراسة انه “ينبغي التساؤل ما إذاكانت الانتخابات والمؤسسات الناتجة عنها مرفوضة بسبب الغش والتزوير الواسع؟”. وذكرت بأن “قرار المقاطعة الذي اتخذته جبهة أحزاب المعارضة بشأن الانتخابات البلدية الأخيرة قاد إلى معدل مشاركة لم يتجاوز 16 في المئة”.
واستغربت الدراسة الحديث عن إجماع سياسي على برنامج للإصلاح الوارد في الوثيقة التي وقعتها الحكومة مع الهيئات المانحة الدولية. وتساءلت “من هم الشركاء في هذا الاجماع؟… هل جبهة أحزاب المعارضة عضو فيه؟” وزادت: “الواقع أن نظام الحكم يسيّر الاقتصاد والمجتمع بمفرده بعد أن تمكن من تحييد مؤسسات الرقابة ووسائل التوازن التقليدية: البرلمان والقضاء والصحافة المستقلة….”. أما المعارضة فتقول الدراسة انها “تواجه محاولات النظام إلغاءها من الوجود… وفرض حصار اقتصادي شديد على أعضائها ومؤيديها، وهو حصار مؤثر لأن الدولة في بلادنا تملك وحدها وسائل العيش”. و”الحقيقة أن المعارضة دانت على الدوام اختلاس المال العام وذهبت إلى حد المطالبة بلجنة مستقلة تبحث في مصير التمويلات المهمة التي حصلت عليها بلادنا في الأعوام الأخيرة، ومصدر الثروات الكبيرة التي جمعها المحيطون برئيس الدولة وهي المطالب التي أغضبت النظام فاعتقل قيادات المعارضة”.
وعن الفائض في موازنة الدولة وصفت الدراسة هذا القول بأنه “انعدام جدية يؤسف له” وادعت أن “الزبائن يدخلون الطابور من الصباح إلى المساء لسحب مستحقات ويعودون من دونها… وحتى رواتب الموظفين تسدد بصعوبة”.
تفاصيل النشر:
المصدر:
الكاتب: الشيخ بكاي
تاريخ النشر(م): 11/7/1999
تاريخ النشر (هـ): 28/3/1420
منشأ:
رقم العدد: 13273
الباب/ الصفحة: 6