حملة محو الأمية في موريتانيا : استجابة واسعة … و”تعليمات” بمنع تحويلها الى “مسرحية”
يتوزع بلال بين اوامر مديره الصارمة والاوامر العامة الصادرة من الوزير باحترام مواعيد الدراسة في فصل لمحو الامية افتتح في الوزارة اخيراً في اطار “الحملة الوطنية لمحو الامية” التي طلب الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيد احمد الطايع اطلاقها استكمالاً لجهود مستمرة منذ اعوام. وتهدف الحملة الجديدة الى محو الامية عن بلال وزملائه خلال سبعة اشهر، وعن جميع الاميين في البلد “في عامين او ثلاثة”.
يرد بلال على اوامر مديره بنقل “بريد عاجل” الى احدى الجهات الحكومية ــ في ادب بالغ لكن بصوت واضح وواثق: “حاضر لكن سيكون افضل تأخير البريد الى ما بعد انتهاء الحصة”. ويعرف البواب الذي تجاوز الاربعين من العمر، ان هناك تعليمات من جهة عليا الى الوزراء بالتوقف عن فتح “فصول صورية لمحو الامية لا تتجاوز التقاط كاميرا التلفزيون الحكومي للوزير في غرفة جهزت للمناسبة وجمع لها طلاب مزيفون يتفرقون بمجرد انتهاء مسرحية سخيفة يشاهدها مواطن يعرف الحقيقة فيزداد سخرية من مسؤوليه”.
هذه المرة يقول بلال لـ”الحياة”: “تبدو الدراسة حقيقية، المعلم يأتي. ومسؤولو الوزارة يتأكدون بأنفسهم من استمرار سيرها”.
ولا يشارك كثيرون بلال في تفاوله نتيجة تجربة السنوات الماضية التي حققت على رغم ما يقال نتائج طيبة قدرت بنسبة 46 في المئة. وقال لـ”الحياة” الوزير المكلف بمحو الامية والتعليم الاصلي محمد محمود ولد بيه انه لا توجد لدى قطاعه الذي حول اخيراً من كتابة دولة الى وزارة “معلومات ولا ارقام دقيقة، فالمعلومات المتوافرة تتعلق فقط بافتتاح الاقسام من دون متابعة لما بعد الافتتاح”. غير انه اكد انه يكرر “للقائمين على فصول محو الامية ضرورة العمل على محو الصورة السلبية التي تركه بعض ممارسات الاعوام الماضية”. وقال انه تم فتح سجلات وقوائم تمكن من متابعة العملية “وسيكون في مقدورنا متابعة كل شخص سجل للدراسة من خلال سجل وطني لمحو الامية”. وقال ان جولات تفتيشية ستحصل “مع انتهاء كل دورة مدتها 7 اشهر للتأكد من ان الهدف تحقق”.
واصدر الرئيس الطايع تعليمات الى الوزارة المكلفة محاربة الامية تقضي بمتابعة العملية بصرامة ومنع تكرار ممارسات سلبية حدثت في الماضي. كما صدرت تعليمات الى رؤساء القطاعات الحكومية بافتتاح اقسام في الوزارات والمؤسسات. وتم الزام كل مسؤول وزارة او مؤسسة بالمتابعة الدقيقة للفصول. ويقول الوزير المكلف محو الامية في حديث الى “الحياة” ان هدف الحملة الحالية “قابل للتحقيق بفضل ارادة رئيس الجمهورية والمبالغ المرصودة لها”. غير انه لم يحدد تلك المبالغ.
وتجد حملة محو الامية استجابة كبيرة لدى المواطن المعني بها على رغم شكوكه في ان يحولها بعض المسؤولين الى مناسبات للظهور على شاشة التلفزيون مكتفين بالجانب الفولكلوري، كما حدث في مناسبات كثيرة سابقة.
وسيكون على الرئيس الطايع بذل جهود اخرى على مستوى حملة مختلفة تنظم منذ اكثر من عام حول “الكتاب والمطالعة”. ورصدت الدولة الموريتانية مبالغ كبيرة لتعميم المكتبات وتشجيع المطالعة. كما تطوع كثيرون ايضاً لهذه الحملة التي يخشى ان تقف في حدود نفاق السياسيين والكوادر الباحثين عن ترقيات وظيفية او سياسية من خلال الانخراط “ظاهرياً” في حملة الكتاب وكل ما يدعو اليه الرئيس.
وهناك من يدعو الرئيس الطايع الى التحري عن مصير البلايين التي رصدت للكتاب، والاطلاع عن قرب على “حقائق مطمورة تحت نفاق الطبقة السياسية”. ويقول اصحاب هذا الرأي وهم كثر في البلد ان كثيرين يخدعون الرئيس بالمظاهر بينما الحقيقة شيء آخر.
جريدة الحياة
193 تعليقات