مع القهوة.. بعيداً عن السياسة/ محمد المنى
كيف تطورت القهوة في وقت قصير نسبياً لتصبح أحد أكثر المشروبات استهلاكاً في عالم اليوم؟ سؤال يحاول بريان ويليامز، وهو صحفي ومدون صاحب أسلوب مميز، الإجابةَ عنه في كتابه الاستقصائي «فلسفة القهوة».
يوجد إجماع على أن انتشار القهوة كان انطلاقاً من مرتفعات إثيوبيا، لكن توجد شواهد تفيد بأن القهوة اكتُشفت على الجانب الآخر للبحر الأحمر في اليمن. وعلى الرغم من دور اليمن لاحقاً في انتشار القهوة نحو نطاقات واسعة من العالم، يتفق أغلب الباحثين على أن إثيوبيا كانت الموطن الأول لنشأة القهوة. ومرة أخرى، وفي معرض سؤاله حول الكيفية التي انتشرت بها القهوة حول العالم؟ يقول ويليامز إن تحول القهوة من مشروب مغمور في الهضبة الإثيوبية إلى مشروب يُستهلك في جميع أنحاء العالم، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإسلام.
وإن لم يتضح بعد سبب انتشار القهوة في اليمن، كما يشير الكتاب، فمن الواضح أنها بدأت انتشارَها المستمر عبر العالم الإسلامي في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وذلك بالاستناد إلى ما يذكره محمد الأنصاري الجزيري الحنبلي في كتابه «عمدة الصفوة في حل القهوة»، من أن الناس في المسجد الحرام بمكة المكرمة، في عام 1511 للميلاد، كانوا يشربون القهوة مساءَ كلِّ يوميْ اثنين وجمعة. وفي ذلك الوقت أيضاً أخذت القهوة لنفسها مكانةً كبيرة في مصر وشمال أفريقيا، حيث صارت القاهرة مركزاً لتجارة القهوة وازدهرت المقاهي حول الجامع الأزهر. ومن هناك انتشرت المقاهي لتصل دمشق وحلب، ثم إسطنبول التي شهدت افتتاح أول مقهى فيها عام 1555 على أيدي تجارين سوريين.